في خطابه بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش، أكد الملك محمد السادس، على قناعته الراسخة بأن المغرب قد نجح في جعل سنة 2016 سنة الحزم في صيانة وحدته الترابية، متصديا بكل فعالية ومسؤولية للمناورات والدسائس التي ينسجها خصوم الوحدة الترابية، للنيل منه في قضية الصحراء .
وبالفعل، فقد كانت هناك “تصريحات مغلوطة وتصرفات لامسؤولة”، توفق خطاب عيد االعرش، في الإشارة إليها تلميحا، ولعل من أكثرها سوءا تلك التي أقدم عليها بان كي مون، الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، عقب زيارته للمنطقة، حين تخلى عن حياده المفروض فيه كمسؤول أممي، يتولى الإشراف على هذا الملف، من أجل إيجاد حل له يحظى برضى كل الأطراف، وليس من مصلحته أبدا الانحياز إلى جانب اطروحة دعاة الانفصال.
ولم يكن أمام المغرب، آنذاك، سوى أن يقوم برد فعل قوي، احتجاجا على المساس بقضية تعتبر مقدسة بالنسبة له، وصونا للحق والمشروعية، وهو الذي أبدى دائما استعداده التام للتعاون مع المنتظم الدولي في سبيل إنهاء هذا المشكل المفتعل في المنطقة منذ من أربعين سنة.
والآن، وبعد الجهود الدبلوماسية التي بذلت لمواجهة تداعيات تلك الانزلاقات الخطيرة، وبعد أن جرت مياه كثيرة، تحت الجسور،كما يقال، ومع الحديث عن عودة المينورسو، واستعداد كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، لزيارة المنطقة من جديد، فإن موقف المغرب يظل ثابتا، متمسكا بحقوقه، وفيا لمبادئه لايتزحزح عنها أبدا، متمسكا بمخطط الحكم الذاتي، باعتباره الحل الواقعي والعملي للملف، بشهادة العديد من الدول التي طالما نوهت به في المحفل الأممي.
ويستشف من النبرة الواثقة التي تحدث بها الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش، أن المغرب عازم فعلا ، خلال سنة 2016، على المضي قدما في هذا التوجه الكفيل بضمان الحفاظ على مصالح وحدته الترابية.
وما طلبه الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي إلا خطوة في هذا المنحى، في مسعى منه للقطع مع سياسة المقعد الفارغ، وبالتالي التواجد كعضو فاعل له مكانته الاعتبارية، داخل هذه المنظمة الإفريقية، حتى يتأتى له مستقبلا، تجميد عضوية كيان وهمي إسمه الجمهورية العربية الصحراوية، التي لاوجود لها إطلاقا على الخريطة العربية، ولا في الجامعة العربية، وإنما هي سراب يسكن خيال جبهة البوليساريو!
المهمة ليست سهلة، كما يتصور ذلك العديد من الخبراء والمحللين، الذين يرون في طلب العودة إلى البيت الإفريقي خطوة جاءت في وقتها تماما، وإن كانوا لايستبعدون الصعوبات التي قد تكتنفها، بسبب مناورات الخصوم، ومن يدور في فلكهم، وخاصة الجزائر، نيجيريا، جنوب إفريقيا، “وهذا هو الثالوث المؤثر”، الذي كان يتحكم في قرارات الاتحاد الإفريقي، حسب تحليل للباحث الموساوي العجلاوي.
نفس المتحدث، يتوقع ان تكون المساطر المعمول بها في هذا المنتظم الإفريقي، هي التي يمكن ان ” تعقد الأمور” لفترة من الوقت، لكن إرادة المغرب قادر على مواجهة كل التحديات، وكسب رهان العودة، خاصة وأن ممثلي العديد من الدول الإفريقية الصديقة، ترحب بذلك، باعتبار أحقية المملكة في استرجاع مقعدها في البيت الإفريقي.