لا أحد يعرف لماذا ظل إبراهيم غالي الزعيم الجديد للجبهة الانفصالية ” البوليساريو”، خلفا لسلفه محمد عبد العزيز المراكشي، حرا طليقا، مادام مطلوبا من القضاء الإسباني بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
إن مكانه الطبيعي الآن هو أن يكون ماثلا في قفص الاتهام، جراء تورطه في ملفات تشكل إدانة صارخة له، لاسيما وأنها مشفوعة بالأدلة والإثباتات، التي تجسد عنفه وبطشه وانتهاكه لحقوق الإنسان.
الرجل، وبشهادة العديد من ضحاياه، في مخيمات تندوف، يجر وراءه سجلا ملطخا بسفك الدماء، وبإهدار كرامة النساء الصحراويات، اللواتي تعرضن للاغتصاب، ورفعن أصواتهن بالشكوى منه، ومن بطشه، واعتدائه عليهن.
واستنادا لبعض التقارير، فإن شهود عيان أدلوا بإفادات تؤكد أنهم وقفوا على حالات من التعذيب أشرف عليها إبراهيم غالي من موقعه كمسؤول عسكري سابق في صفوف البوليساريو، بين 1976 و1989، أدت إلى الموت، نظرا لوحشيتها وفظاعتها، دون رحمة أو شفقة.
نفس التقارير، تبرز أن عدوانيته التي مارسها بدعم من الجيش الجزائري، لم تمس فقط ابناء الصحراء المغربية المحتجزين في مخيمات تندوف، بل امتدت لتشمل أيضا مواطنين من إسبانيا، لاذنب لهم سوى أنهم كانوا يمارسون الصيد في جزر الكناري، قبل أن يقعوا في أيدي دوريات البوليساريو، التي كان يشرف عليها غالي، الذي لم يتردد في إذاقتهم أقسى أنواع التعذيب، إلى حد القتل.
كل هذا التاريخ الدموي لإبراهيم غالي، المثقل بأبشع تهمة، الا وهي ”الإبادة الجماعية والتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال غير القانوني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، ومع ذلك لم يتردد رئيس الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، بوصفه ب”الرجل المكافح”، أليس هذا منتهى البهتان والتجني على الحقيقة؟!
أكيد أن هذا “الزعيم الجديد” للبوليساريو، سوف يكون أداة طيعة في أيدي حكام قصر المرادية، يفعلون به ما يشاؤون، ويسخرونه لخدمة أجندتهم لمعاكسة وحدة المملكة المغربية الترابية، فهم الذين كانوا دائما وراءه، وهم الذين اختاروه لرئاسة هذا الكيان الوهمي المتشبث بالسراب، وهم الذين شجعوه من قبل، بدعم من الجيش الجزائري، على ارتكاب كل تلك الجرائم في حق الإنسانية، من إبادة جماعية، وتعذيب، وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان.
وإذا كان غالي لم يمثل أمام المحكمة الوطنية الإسبانية، أعلى هيئة جنائية بإسبانيا، سنة 2008 أمام القاضي الإسباني بابلو روث، وظل منذ ذلك الوقت متواريا عن العدالة الإسبانية، غير قادر على مواجهتها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو : إلى متى هذا الفرار؟ ولماذا لا تطبق في حقه مذكرة بحث دولية لمحاكمته على ما اقترفت يداه من جرائم ضد الإنسانية؟