بارود عرّاسي!

ظاهرة مرضية غريبة ومزمنة، تعيشها العلاقات بين السلطة والمعارضة، وبين المعارضة والمعارضة نفسها، وإن كان “النزاع” بين السلطة والمعارضة مفهوما إلى حدّ ما، فإن غير المفهوم هو “الصراع” بين المعارضة والمعارضة، بما أوصل أطيافها إلى التنابز والتبارز والتراشق والقصف العشوائي!
“النيران الصديقة” التي تطلقها المعارضة صوب بعضها البعض بطريقة استعراضية وبهلوانية، و”البارود العرّاسي” الذي يدوّي في “ميدان الحرب” بين المولاة والمعارضة، يبقى إلى أن يثبت العكس بالنسبة للأغلبية المسحوقة، كمن يؤذن في مالطا!
لم تعد “الهوشة” بين السلطة والمعارضة، أو بين المعارضة والمعارضة، تصنع الحدث بالنسبة للمواطنين، الذين استقالوا جماعيا من الفعل السياسي الذي أضحى برأيهم “فعلا مخلاّ” نظرا للمستوى الهابط للكثير من فصول التعارك، وهذه البلهارسيا السياسية التي تنفـّر ولا تستقطب!
الحاصل هذه الأيام من إساءة وتشاحن وتهييج ونشر للغسيل و”التبهديل”، لا يُمكنه أبدا أن يخدم لا هؤلاء ولا أولئك، بل بالعكس، فإن “بقايا” المتابعين فرّوا بجلدهم، من هكذا “اقتتال” لم يعد خادما للبلاد والعباد!
مازال الجزائريون في انتظار لمّة تجمع المتناحرين والمتخاصمين، من السلطة والمعارضة، حول طاولة واحدة، لتبادل النقاش المفيد، وحلّ مشاكل المواطنين، واقتراح البدائل العملية والواقعية، عوض الغرق في مستنقع الانتقام وتصفية الحسابات والضرب تحت الحزام وعضّ الأصابع وكسر العظام!
لم يعد بمقدور المتهارشين جمع شمل الجزائريين، لا في المواعيد الانتخابية، ولا في غيرها من المآدب و”الزرد” التي زهدت فيها وبسببها الأغلبية التي سئمت من مشاهدة نفس “الفيلم” بنفس الخدع السينمائية وبنفس الأبطال ونفس الكومبارس ونفس النهاية!
ملفات عديدة ومتعدّدة، تضطر الطبقة السياسية على الاجتماع من أجل الحوار بدل التلذذ بالتكسار وإشعال النار، وقد أثبتت التجارب أن منطق “التغنانت” لا يُمكنه أبدا أن يُنه الخلاف، مثلما لا يُمكن لعقلية “التطباع بالصدر”، أن تغري المواطن البسيط وتلفت انتباهه أو أن تجعله ينخرط في “معركة” يرى أن لا ناقة له فيها ولا جمل!
على الطبقة السياسية، أن “تخزي الشيطان”، فقد تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء والسوداء والصفراء، وتخطت المنطقة الرمادية والبنفسجية، ولم تصبح سوى مصدر للفتنة والقلاقل، ومرآة لتشابك مضحك وكاريكاتوري.. أفلا “يستعقل” هؤلاء وأولئك و”يخافو ربّي” في هذه الجزائر؟

*صحفي جزائري/”الشروق”

اقرأ أيضا

منظمة حقوقية شيلية: البوليساريو عامل مزعزع للاستقرار في منطقة شمال إفريقيا برمتها

أدانت "مؤسسة حقوق الإنسان بلاحدود" الشيلية، بشدة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمارسها البوليساريو في مخيمات تندوف بالجزائر، معتبرة أن الجبهة الانفصالية عامل مزعزع للاستقرار في منطقة شمال إفريقيا برمتها.

صفعة مدوية.. الكاف يرفض استئناف الاتحاد الجزائري بخصوص أقمصة نهضة بركان

رفض الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، استئناف الاتحاد الجزائري، ليؤكد شرعية ارتداء فريق نهضة بركان …

طوب وفلوب: دعم مغربية الصحراء يتجدد عبر القارات واحتجاز الجزائر لبعثة نهضة بركان

في هذا الفيديو ضمن فقرة "طوب وفلوب"، نرصد حدثين بارزين خلال الأسبوع الذي نودعه، الأول يتعلق بقضية الصحراء المغربية، والثاني يتمثل في احتجاز بعثة فريق نهضة بركان بالجزائر.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *