عندما ينفث إعلام الجزائر سمومه على علاقة مصر والمغرب

في المغرب أوراش مفتوحة وعلاقات مع دول تنسج بواقعية، وأخرى تجتاز مراحل العتب. تم إنهاء سوء الفهم المصري المغربي بزيارة وزير خارجية مصر واستقباله من طرف الملك محمد السادس. صرح الطرف المصري بأن الصحراء المغربية تحتها خطوط حمراء لا يمكن القفز عليها، وأن القاهرة مع الوحدة الترابية للمملكة.
التزمت مصر بدعمها مقترح الحكم الذاتي. مصر والمغرب اتفقا على “عدم السماح لأي طرف بأن يُوقع بين البلدين للنيل من العلاقة المتميزة التي تجمع بينهما”. البلدان على وعي بأن الظرفية التي تمر بها المنطقة لا تحتمل استفزازات هامشية.
طوي الخلاف المصري المغربي وانتهت الأزمة العابرة. وانتصر التاريخ والمصلحة العليا المشتركة. اتضح هذا الواقع الجديد بالاتصال الهاتفي بين قائدي البلدين، عندما تلقَّى الملك محمد السادس، الثلاثاء، اتصالا هاتفيا من الرئيس عبدالفتاح السيسي، اتفق فيه الجانبان على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية، واستمرار التواصل والتشاور المشترك على كل المستويات، والارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق غير مسبوقة.
ويأبى خصوم التقارب إلا تأكيد مساعيهم في عزل المغرب عن محيطه وضرب علاقاته الخارجية خصوصا مع مصر. كانت الجزائر قد سممت تلك العلاقة باللعب على جهل بعض الصحفيين المصريين بالمشكل المفتعل في الصحراء المغربية. استضافتهم ورتبت لهم زيارة مفخخة إلى مخيمات تندوف.
وبالطبع كان على بوليساريو إتمام المهمة البائسة بالتعريف بقضيتهم الخاسرة أمام فريق صحفي في صيف العام الماضي. أقل ما يمكن القول عنه إنه سقط في فخ نصبته المخابرات الجزائرية بإحكام.
لم يرق للطرف الجزائري هذا الواقع الذي أفشل مساعيها. لم يعجبه انتصار الحكمة بين المغرب ومصر، وإنهاء التوتر والدعوة المتبادلة لقائدي البلدين إلى القيام بزيارات رسمية، للتأكيد على “الإرادة المشتركة للبلدين لتطوير العلاقات الثنائية وإعطائها دفعة جديدة في مختلف المجالات، في أفق إحياء اللجنة العليا المشتركة التي يرأسها قائدا البلدين”. النظام الجزائري اعتبر هذا التقارب استفزازا له، غاظه أن الرئيس السيسي لم يرد على تقرير التلفزة المغربية، لم يعجبه تصرفه كرجل دولة واقعي وإشادته بـ”الطفرة التي شهدها المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، في مسار التحول الديمقراطي، ومجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.
الذراع الإعلامية للنظام الجزائري بدا واضحا أنه يتحدث بلسان أسياده، فسفّه كلام الرئيس عندما تحدث عن “التقدم الذي تحقق في المغرب بتطوير البنية التحتية وتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى المخططات الإستراتيجية الوطنية للتنمية في مختلف القطاعات الحيوية، خاصة الصناعة والزراعة والسياحة”.
هذا الغيظ اعتمل في الأوساط الرسمية الجزائرية وترجمته جريدة “الخبر” المقربة من دوائر القرار، بتأكيدها عبر تقريرها الأخير على سوء الطوية لدى النظام الجزائري.
نظام أراد نسف كل ما يقوم به المغرب داخليا وإقليميا، فوصل به الحد إلى عدم رضاه على تصريح السفير المصري في الرباط، إيهاب جمال الدين، الذي أكد أن “روابط المغرب ومصر ممتدة إلى نحو ألف سنة، والفاطميون عندنا جاؤوا من المغرب وعديد الآثار في مصر مرتبطة بالمغرب، حتى أن عددا من أولياء الله الصالحين عندنا أصلهم مغربي”.
النفخ الجزائري في أبواق الفتنة بعودة الإعلام الاستخباري إلى سوء الفهم الذي وقع منذ مدة، بين مصر والمغرب، ولم يدم كثيرا. إعلام الجزائر لم يهضم ما ذهب إليه وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، في شأن العلاقات الثنائية قائلا إن “العلاقات المغربية المصرية تسير في اتجاه إيجابي، لاستئصال الأسباب التي كانت وراء الأزمة الأخيرة بين البلدين، ونسير في اتجاه إيجابي وأيّ تطوّر سيقع سيتم الإعلان عنه بطريقة رسمية في حينه”.
أي عاقل في العالم يهمه اتحاد الدول العربية الإسلامية وتضامنها لا يسعه إلا أن يثمن التقارب المصري المغربي. لكن النظام في الجزائر لا يسعه إلا تكثيف الجهود في جر أي تقارب إلى هاوية الخلافات المزمنة.
مصر تبقى مصر بتجربتها وظروفها، والمغرب هو نفسه بتقاليده وتاريخه في تدبير أموره. كل بلد له خصوصياته التي تميزه، والبلدان معا اتفقا على احترام متبادل ووضع علاقاتهما على طاولة المصالح والتاريخ. ولا مجال للمزايدات على هذا الطرف أو ذاك.

*كاتب مغربي/”العرب”

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *