لا أظن أن وصول بعض أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا برئاسة السراج إلى طرابلس، وسط تأييد دولي كبير هو نهاية للصراع الداخلي الليبي، رغم أننا نتمنى ذلك من صميم قلوبنا.
إذ إن تلك الحكومة التوافقية التي تواصلت الجهود الأممية في سويسرا والجزائر وصخيرات (المغرب) حتى تم إطلاقها في نهايات العام الماضي، انبنت ـ في واقع الأمر ـ على ركائز جهوية ومناطقية وقبلية أو على ممثلين عقائديين وأيديولوجيين بما يجعلها طبعة مستنسخة جديدة لفكرة المحاصصة التي تفضي طبقا لتجارب العرب السابقة ـ إلى التهديد بالتقسيم، وربما هي بالضبط ـ العتبة التي تفضي إليه.
المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني يشمل خمسة نواب لرئيس مجلس الوزراء وثلاثة من وزراء الدولة، وستجد عند البحث في سيرهم الذاتية أن بعضهم يمثل مصراته والغرب مثل أحمد معيتيق، وبعضهم من يمثل الجنوب (قبائل التبو والطوارق) مثل موسى الكوني وعبد السلام الحسوني، ومنهم من يمثل الشرق ومدينة بنغازي مثل فتحي المجبري وعلى القطراني.
إقرأ أيضا: هل بات مشروع تقسيم ليبيا قريب التحقق؟
أما وزراء الدولة فهم موزعون بين ممثل لمدينة الزنتان في الغرب وآخر من مدينة بنغازي في الشرق، وأحمد المهدي من مدينة فزان في الجنوب.
وكما أوضحنا فهناك منهم الذي كان من أقطاب نظام الرئيس القذافي، ومنهم من يمثل العروبة والدولة الوطنية مثل علي القطراني المقرب من الفريق خليفة حفتر، ومنهم من يمثل الإخوان المسلمين مثل أحمد معيتيق.
يعنى الرقعة صارت جاهزة بين الزنتان والإخوان غربا وفزان وقبائل التبو والطوارق التي تنشط فيها قطر جنوبا وإن كان جزء منها مازال يوالى حفتر، أما الشرق فينشط فيه القوميون في برقة، وترك منطق التقسيم تأثيره على توزيعة التشكيل الوزاري المرشح الذي ضم مهدي البرغثي قائد الكتيبة 204 دبابات والموالى لحفتر ليصبح وزيرا للدفاع والعارف خوجة الموالى للإخوان كي يصير وزيرا للداخلية، وتحدد أحد الأهداف الرئيسية لحكومة الوفاق في دبح أعضاء الميليشيات إلى الجيش والشرطة وسوف يسهم ذلك ـ قطعا ـ في تهديد الاستقرار وتدعيم التقسيم.
باحث سياسي/”الأهرام”