بعد النصر الزائف في اليابان.. جمهورية تندوف خارج قمتي التعاون الأفريقي مع إندونيسيا والصين!!

بقلم: هيثم شلبي

لم يكن المغرب بحاجة للانتظار طويلا، بعد الضجة الفارغة التي أقامها إعلام النظام الجزائري، كجزء من حملة الرئيس تبون الانتخابية، عندما صور عملية نجاحه في “توفير مقعد” لممثل البوليساريو داخل غرفة اجتماع الشراكة الأفريقية مع اليابان، على أنه “انتصار مؤزر”، رغم تصريح المستضيف الياباني بلغة واضحة ليس فيها من حياد الألفاظ الدبلوماسية شيئا، بأن بلاده ثابتة على موقفها الذي لا يعترف بجبهة البوليساريو ولا “بجمهورية تندوف” الوهمية. نقول، أن المغرب لم ينتظر طويلا قبل أن يفرغ سطلا من الماء المثلج على أبواق الإعلام الجزائري، عندما فشلت دبلوماسية الجنرالات، في توفير كرسي مماثل، أو حتى السماح له بالبقاء واقفا داخل مقر اجتماع الشراكة الأفريقية الإندونيسية الثاني، المنعقد ببالي حاليا، وهو نفس المصير الذي ينتظره خلال أيام قليلة خلال قمة التعاون الأهم، والخاصة بالشراكة الأفريقية الصينية، حيث سيحرم الإعلام الجزائري من لقطة خاصة بالربيب الصحراوي وهو يتجول في أروقة المؤتمر.

ويأتي هذا الاستثناء المنتظر لممثلي جمهورية تندوف من حضور اجتماعات الشراكة الأفريقية مع دول العالم المهمة، منسجما مع القرار الأفريقي الذي اتخذ مؤخرا في العاصمة الغانية أكرا، والذي أصرت الجزائر على خرقه، على الرغم من وضوح لغته الرافضة لتوجيه الدعوة في جميع قمم الشراكة الأفريقية متعددة الأطراف لأي دولة ليست عضوا في الأمم المتحدة، حتى وإن تمتعت بعضوية الاتحاد الأفريقي، وهي الصياغة التي فصلتها الدبلوماسية المغربية، وحليفاتها الأفريقية، على مقاس “جمهورية تندوف” الشاذة. وعليه، فعدم دعوة البوليساريو لقمتي إندونيسيا والصين، ينسجم مع عدم دعوتها لما سبقها من قمم التعاون مع الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية، تركيا، روسيا، العالم العربي، الهند، وغيرها؛ لتبقى قمة الشراكة الأفريقية مع الاتحاد الأوروبي عرضة لتذبذب المواقف، حيث يتم دعوتها مرة، وتستثنى مرات أخرى، وهو الموقف الذي ينتظر أن يحسم خلال القمة المقبلة، بعد أن حسمت فرنسا موقفها المعترف بمغربية الصحراء، ولم يعد هناك بلد واحد في أوروبا يستطيع توفير مثل هذا المقعد لمرتزقة البوليساريو في أي من الاجتماعات المقبلة.

أما ما يدعو للاستغراب ونحن نسرد الوقائع السابقة، المعروفة للجميع، فهو الإصرار الغريب للدبلوماسية الجزائرية على خوض هذه المعارك الخاسرة، والتي تضع فيها نفسها في حرج المقارنة بأهمية المغرب بالنسبة للدول صاحبة اتفاقيات الشراكة والتعاون مع أفريقيا، لاسيما مع علمها المسبق، الذي يرقى إلى درجة اليقين، بأنه ليس هناك دولة عظمى ولا حتى متوسطة الحجم والأهمية، يمكنها أن تفضل رضى البوليساريو على غضب المغرب!! وحتى الدول التي تعاند الوحدة الترابية للمغرب من منطق أيديولوجي، فهي تتحين أفضل الفرص من أجل الاقتراب من موقف الحياد الإيجابي، في انتظار متغير ينقلها إلى خانة المؤيدين لمغربية الصحراء، أو على الأقل، المرحبين بمصداقية مخططها للحكم الذاتي في المنطقة.

هذه الحالة العبثية التي يضطر الأفارقة إلى مواجهتها بشكل متكرر، بسبب تجاوز عدد اتفاقات الشراكة والتعاون متعددة الأطراف للعشرة، واضطرارها لعقد هذه الاجتماعات بوتيرة متعاقبة، أصبحت تشكل مصدر شكوى للغالبية، التي اعتقدت أن قرار قمة أكرا الغانية، سيكون كفيلا بإيقاف هذه المهزلة، كون المعيار الواضح لحضور هذه الاجتماعات لا ينطبق على جمهورية تندوف (عضوية الأمم المتحدة). إلا أن الجزائر، أصرت على ارتكاب حماقة مخالفة هذا القرار في اليابان، أياما فقط بعد اتخاذه، وقبل أن يجف الحبر الذي كتب به، مما يضع الدول الأفريقية أمام تحدي القدرة على فرض احترام قراراتها على الدول الأعضاء.

ختاما، يفتح العناد الجزائري لحالة الإجماع الأفريقي، الهادف إلى حماية اجتماعات الشراكة الدولية، الباب أمام خطوة مغربية مشروعة طال انتظارها، تتعلق بطرح مطلب طرد البوليساريو وجمهوريتها الوهمية من الاتحاد الأفريقي، حتى يتسنى الانتهاء من هذا التشوه الموروث من زمن الحرب الباردة. إن المنطق السليم، وقبل أن تكون هناك حاجة للتصويت، يقضي بأن أفريقيا ومنظمتها الدولية (الاتحاد الأفريقي) هو الهيأة الدولية الوحيدة في العالم التي تضم في عضويتها حركات مسلحة، لا تمتلك أبسط مقومات الدولة. وعليه، ودون كثير نقاش، تحتاج الجزائر ومن يدعمها من الدول الأفريقية -على قلتهم- إلى اختراع مفهوم جديد في السياسة الدولية يقول بأن كلمة “دولية” التي تلحق بكلمة منظمات، لا تقتصر على الدول، بل يمكنها أن تضم في عضويتها ما يشاء الأعضاء من عصابات وحركات مسلحة وانفصالية، وهو لعمري منطق يتجاوز الغرابة ويدخل في خانة “اللامعقول”، الأمر الذي يحتم تصحيح هذا الاختلال في الفهم والتطبيق، وإقفال هذا الملف الذي يسمم العمل الأفريقي المشترك، ومتعدد الأطراف.

اقرأ أيضا

الجزائر

الفساد ينخر النظام الجزائري.. التحقيق في صفقات مشبوهة في “شان 2023”

أمام ضعف المؤسسات الرقابية والقضائية في ظل حكم العسكر في الجارة الشرقية، يواصل الفساد في نخر البلاد، حيث يعد من القضايا الأساسية التي تواجه الجزائر، كما يعتبر عائقا كبيرا أمام التنمية المستدامة والاستقرار السياسي.

الجزائر

عائلاتهم تطالب بملاحقات قضائية ضد الكابرانات.. 155 من كبار ضباط الجيش الجزائري في السجن

أفادت مصادر عليمة بأنه يقبع حاليا في زنازين السجن العسكري بالبليدة بالجزائر 60 جنرالا و10 لواء، وما لا يقل عن 85 عقيدا في الجيش الجزائري، وهو رقم قياسي في تاريخ الجارة الشرقية.

الجزائر

بالركوب على القضية الفلسطينية.. النظام الجزائري يحاول التشويش على تعيين “ماركو روبيو” وزيرا للخارجية الأمريكية

ما أن بدأت ترتسم بشكل أوضح التشكيلة الحكومية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حتى سارع الإعلام الرسمي للنظام العسكري بالترويج بأن من بين الأشخاص، الذين تم تعيينهم، هناك أسماء لن تخدم القضية الفلسطيينة.