منحت رسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى الملك محمد السادس، تزامنا مع احتفالات الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، نفسا جديدا لعلاقات الرباط وباريس، حيث أعلنت هذه الأخيرة، عن دعم واضح لسيادة المملكة حاضرا ومستقبلا على الصحراء المغربية.
الرسالة تطرقت أيضا وفق بلاغ للديوان الملكي، إلى أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل الملف، كما حملت التزامات فرنسية بالانخراط في جهود التوصل إلى التسوية السياسية.
في هذا السياق، قال محمد سالم عبد الفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن الموقف الفرنسي فتح المجال لعودة العلاقات بين البلدين إلى مجراها الطبيعي بعدما مرت بسحابات صيف عابرة.
وأضاف في قراءة تحليلية خص بها “مشاهد24″، أن فرنسا تجاوزت محاولات بعض الدوائر والمجموعات السياسية المعزولة لتوتير العلاقات الثنائية، وحسمت موقفها في دعم السيادة المغربية على الصحراء بعد أشهر على الموقف المتقدم الذي كان قد جاء على لسان وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه، خلال زيارته للرباط، بتأكيد دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي منذ سنة 2007.
وسجل أن عراقة وصلابة العلاقات المغربية الفرنسية، إضافة إلى الرهان على المملكة لتحقيق المصالح المشتركة، عوامل جعلت صانع القرار الفرنسي يتمسك بشراكة استراتيجية مع المغرب.
وأكد رئيس المرصد الصحراوي، أن موقف فرنسا الذي يأتي في ظل زخم دبلوماسي تراكمه بلادنا بخصوص القضية الوطنية، سيكون له تأثير بالغ على مسار الملف نظرا في مقام أول لمكانة فرنسا بالساحة الإقليمية والدولية وأدوارها الحيوية بشمال وغرب القارة الإفريقية، ثم في مقام ثان لعضويتها الدائمة بمجلس الأمن وتمتعها بحق النقض الأمر الذي خول لها لعب أدوار هامة في سيادة قرارات المجلس ذات الصلة بالملف.
وأردف قائلا “ملف الصحراء عرف تطورات مهمة تحديدا المواقف المتتالية لقوى دولية وازنة التي تعزز حالة الاعتراف الدولي بواقع السيادة المغربية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا إلى جانب أن بلدان من مختلف قارات العالم، أمريكا اللاتينية والكاريبي، آسيا، أوروبا وإفريقيا، ناهزت 107 دولة من أعضاء الأمم المتحدة باتت تؤيد الموقف المغربي من ضمنها 30 بلدا افتتح بعثات دبلوماسية بالعيون والداخلة في أرقى تجسيد للاعتراف الدولي بالسيادة المغربية”.
وضمن قراءته التحليلية، لفت محمد سالم عبد الفتاح، إلى أن ما جاءت به رسالة ماكرون، ينسجم مع المقاربة الدبلوماسية الملكية بشأن قضية الصحراء المغربية التي سبق التعبير عنها في عدة خطابات ملكية، حيث جعل الملك محمد السادس، هذا الملف هو النظارة التي ينظر بها المغرب للعالم ويبني على أساسها علاقاته الخارجية، مسطرا على أن الشركاء والحلفاء صاروا واعين بضرورة اتخاذ مواقف صريحة داعمة للمغرب بخصوص قضيته الأولى.
من جهة أخرى، أبرز أن فرنسا تضع عينها على الآفاق الاقتصادية والاستثمارية المتاحة بالأقاليم الجنوبية، أمام مناخ الأمن والاستقرار وكذا الأدوار الريادية التي أصبحت تطلع بها المملكة على مستوى محيطها الإقليمي وعمقها القاري.
وختم بالقول “المبادرات التي يقودها عاهل البلاد المتعلقة بتعزيز الاندماج والتكامل الاقتصادي ما بين بلدان إفريقيا الأطلسية وتمكين بلدان الساحل من الولوج للواجهة الأطلسية، تعزز موقع المملكة باعتبارها بوابة قارية تتيح الولوج لفضاءات حيوية ومجالات اقتصادية هامة، كما أن الأقاليم الجنوبية تتموقع في صلب هذه المبادرات التي تكفل مشاريع كبيرة وآفاقا واعدة”.