عبد المجيد تبون

أوجه الشبه بين “انتصار قميص بركان” و “كيان تبون المغاربي البديل”!!

بقلم: هيثم شلبي

ربما كان المتنبي هو أول من أبدع لفظ “ضحك كالبكاء” في هجائيته المشهورة لحاكم مصر المملوكي كافور الإخشيدي، حيث لم يجد مصطلحا أفضل لوصف حالة مصر في عهده، وكم فيها من المضحكات!! وعلى غراره يمكننا نحت مصطلحات مشابهة من قبيل “نصر كالهزيمة”، لوصف “انتصارات” النظام الجزائري، “وفتوحات” دبلوماسيته العريقة!! وهي غالبا هزائم، لا يجد إعلام النظام الدعائي أدنى غضاضة في إعادة تعريفها واعتبارها انتصارات مبهرة.

وقد تميز عهد الرئيس الحالي تبون بالعشرات من هذه “الانتصارات” التي تكرس هزيمة نظامه العسكري أينما وضع يده أو قدمه. ولعل آخر هذه الانتصارات، هو ما شهده العالم من استيلاء عسكر مطار هواري بومدين على الزي الرياضي الخاص بنادي “نهضة بركان” بحجة أنه يحمل “خارطة مزورة” للمغرب تشتمل على أقاليمه الصحراوية!!

ومن المهم التوضيح هنا أنه بالنسبة لنظام الجنرالات، فلا يهم إن كانت ترجمة انتصارهم في الاستيلاء على زي نهضة بركان المغربي تتمثل في هزيمة غريمه الجزائري نادي “اتحاد العاصمة” بثلاثية نظيفة، فهذه أبسط الأثمان لانتصارات عباقرة النظام الجزائري. بل ولا يهم إن كلفت هذه الانتصارات باقي الأندية الجزائرية الحرمان من المشاركة في المنافسات الرياضية الأفريقية، أو حرمان البلاد برمتها من احتضان أي منافسات مستقبلية في رياضة كرة القدم، بل حتى حرمان المنتخب الجزائري نفسه من المشاركة في منافسات كرة القدم الدولية، نتيجة تحكم الجنرالات في شؤون كرة القدم في البلاد، وهو ما تحرمه قوانين الفيفا! فالمهم عند هؤلاء الجنرالات الفاشلين، هو أن لا “تنزل كلمتهم الأرض” أو تتم مخالفة أوامرهم العسكرية، مهما بلغت خسائرهم الميدانية!!

بالتزامن مع هذا “الانتصار” العسكري على “كتيبة” نهضة بركان، لم ينس الإعلام الدعائي للنظام الجزائري العودة للترويج لانتصار آخر يتمثل في “قرب نيل عضوية بنك البريكس”، متجاهلين عمدا حقيقة أن هذا الأمر متاح لجميع دول العالم التي تقتني أسهما في البنك، بغض النظر عن عضويتهم في تجمع البريكس نفسه، وهي الحالة التي سبقتهم إليها دول عديدة كبنغلاديش وأوروغواي. ولغباء الجنرالات في هذا البلد، يعتقدون أن الترويج لهذا الانتصار سيجعل مواطنيهم ينسون الطريقة المهينة التي هزم فيها طلبهم في الانضمام للتجمع نفسه، وتلاشت أمالهم تقريبا في فرص الانضمام المستقبلي، اللهم في الدفعة الرابعة أو الخامسة من التوسع المستقبلي للبريكس!!

ولكثرة “الانتصارات المذلّة” للمتحكمين في هذا النظام، أصبح إحصاؤها مستعصيا، وأصيب الشعب بالتخمة من متابعتها، وأصبح يخجل من تسجيل كل انتصار جديد تحققه أحد أجهزة هذا النظام في أي من الميادين. ولعل آخر “انتصاراتهم المدوية”، ما قام بها “رجلهم” في تونس، “الجنرال” قيس سعيد، الذي قام بتوجيه الدعوة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، من أجل عقد اللقاء التشاوري الأول لما يقولون أنه سيكرس إنشاء كيان بديل لاتحاد المغرب العربي بدون المغرب وموريتانيا التي نأت بنفسها عن هذا الكيان “المسخ”. أما “المضحك المبكي” في أمر هذا الكيان، أن صاحب فكرته “الجنرال” تبون، ما زال يصر “بلا حياء أو حشمة” على أنه ليس موجها ضد أحد، وأنه مفتوح في وجه المغرب وموريتانيا، دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة على السؤال البديهي الذي يمكن أن يتبادر إلى ذهن أي طالب في المرحلة الابتدائية: “إذا كان هذا الكيان البديل مفتوحا في وجه الدول المغاربية الخمس، فما الداعي لاستحداثه أصلا، وما الفرق الذي سيشكله عن سابقه اتحاد المغرب العربي، الذي يجمده جنرالات الجزائر بأوامر مباشرة من سادتهم في فرنسا منذ ثلاثة عقود؟؟!” بكلام أبسط، لماذا ننشئ إطارا تشاوريا للدول المغاربية الخمسة، التي تشكل أصلا اتحاد قائما على الورق حتى اللحظة، ولم يعلن عن حلّه أو وفاته؟! بالمقابل، وأمام هذا “الكرم التبوني”، تصر الأبواق الإعلامية للنظام على أن تصحح للرئيس أقواله، بالتأكيد على أن أبواب الإطار التشاوري الجديد مفتوحة في وجه موريتانيا فقط دون “جيرانهم الغربيين”، بدعوى مبادرة المغرب لإنشاء “حلف جنوب الأطلسي” للدول الأفريقية الأطلسية الـ23، مع ربط دول الساحل الأربع به بشكل أو بآخر، ليضم في النهاية نصف عدد الدول الأفريقية، ويصبح الكيان الأكبر فيها!!

ولأن “المغطي بتبون وجنرالات الجزائر عريان”، فلن يشكل الإطار التشاوري المغاربي البديل، طوق نجاة للرئيس التونسي سعيد، ولن يقوي موقع المسؤول الليبي المنفي في وجه باقي الفرقاء الليبيين، في شرق وغرب البلاد! أمر لا تكاد تجد من يشكك فيه، الأمر الكفيل لوحده بالحكم على فشل هذا الإطار قبل أن يولد، مثله مثل باقي انتصارات جنرالات النظام العسكري في الجزائر!! بل إن فائدته للجزائر نفسها مصدر شك كبير، حيث يدرك القاصي والداني أن مثل هذا الإطار لن ينجح في إخفاء أزمة علاقات النظام مع جيرانه قاطبة، من المغرب وموريتانيا الرافضتان لفكرته؛ مرورا بدول الجوار الجنوبي مالي والنيجر الذي لم يعد توتر علاقاتهما مع نظام الجزائر سرا؛ وصولا إلى بعض مراكز القوى في ليبيا كالجنرال خليفة حفتر المتواجد على الحدود الجزائرية، بل وبعض أهم القوى الحية في تونس التي ترفض جميع التزامات رئيسها قيس سعيد منذ انقلابه على تجربتها الديمقراطية!!

الأدهى، أن جهابذة إعلام الجنرالات، وعلى الرغم من وضوح الحقيقة السابقة، يتبجحون بأن هذا الإطار التشاوري “دليل على عزلة النظام المغربي”!!! رغم علم كل من يمتلك حدا أدنى من الإدراك، أن علاقات المغرب مستقرة مع موريتانيا، وأن مبادرتها لربط دول الساحل بالمنافذ الأطلسية المغربية هي موضع ترحيب هذه الدول كاملة، بل وأضفت على علاقتها مع المغرب قوة إضافية لم تشهدها من قبل؛ فعن أي عزلة يتحدثون؟!

ختاما، لا يبدو أن النظام الجزائري مستعد للامتناع عن ممارسة المزيد من المضحكات المبكيات، عبر توالي انتصاراته المذلّة، التي تخجل منها الهزائم، وأن مبلغ همّه في اجتراح مزيد من هذه المهازل، هو مزيد من كسب الوقت عبر الاستمرار في إشغال المواطنين الجزائريين عن متابعة همومهم المعيشية اليومية، مستفيدا من الضجيج والصخب الذي تثيره وسائل إعلامه، وطنين ذبابه الإلكتروني، في محاولة يائسة لتأخير لحظة استئناف حراكهم المبارك القادم لا محالة، بعد أن وصل هذا النظام إلى مرحلة الإفلاس التام، والعجز عن تحقيق أي منفعة لصالح الجزائريين في أي من شؤون حياتهم، ولم يعد لديهم أي أمل في إصلاحه من الداخل، وبالتالي فلا بديل عن “كنسه” بالكامل، وبدء صفحة جديدة كليا تقطع مع جميع ممارسات نظامهم منذ الاستقلال المزعوم عن فرنسا!!

اقرأ أيضا

النظام الجزائري وتبعات “فوضى” تدبير الطيران و”بلطجة” التعامل مع المعارضين!!

بقلم: هيثم شلبي على الرغم من عدم وجود ربط ظاهري بينهما، شهدت الجزائر خلال الساعات …

الجزائر

متى ينزل النظام الجزائري عن شجرة العداء المفتعل ضد فرنسا؟!

في أعقاب الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، واعتمادها مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية "حلا وحيدا" لهذا النزاع المفتعل، أزبد النظام الجزائري وأرغى، وتوعد فرنسا "بالويل والثبور وعظائم الأمور"،

بوريل يُجهض مناورات النظام الجزائري

أجهض جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، اليوم الاثنين، مناورات النظام الجزائري، وذلك من خلال التأكيد على "القيمة الكبيرة" التي يوليها الاتحاد الأوروبي للشراكة الاستراتيجية مع المغرب.