حصاد 2023.. خطب ملكية برسائل قوية

حملت الخطب الملكية بمناسبة عيد العرش وافتتاح البرلمان وذكرى المسيرة الخضراء، خلال سنة 2023 التي تشارف على الانقضاء، رسائل قوية ضمن رؤية متبصرة وحكيمة في مواجهة تحديات تفرضها التحولات العالمية.

في هذا المقال ضمن ملف “حصاد 2023″، نقف عند أبرز رسائل كل خطاب ملكي على حدة.

خطاب عيد العرش: الجدية

وجه الملك محمد السادس، مساء السبت 29 يوليوز 2023، خطابا بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش.

واستهل الملك هذا الخطاب، بالتطرق إلى قدرة المملكة على تحقيق العديد من المنجزات، في مواجهة الصعوبات والتحديات.

وكان العنوان البارز لهذا الخطاب الملكي، هو “الجدية”، حيث قال الملك محمد السادس، “اليوم وقد وصل مسارنا التنموي إلى درجة من التقدم والنضج، فإننا في حاجة إلى هذه الجدية، للارتقاء به إلى مرحلة جديدة، وفتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى، التي يستحقها المغاربة”.

وأكد أن الجدية المرجوة ليست مجرد شعار، وإنما مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية بالمعنى المغربي الأصيل، ويهم مختلف جوانب الحياة بما فيها الجدية في مجال تدبير الموارد المالية.

ولفت الخطاب إلى قدرة الشباب المغربي، على إبهار العالم متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، لافتا إلى إنجاز المنتخب الوطني لكرة القدم في مونديال قطر، وكذا إنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي.

الخطاب سلط الضوء أيضا على الجدية، فيما يتعلق بقضية وحدتنا الترابية، بالقول إن “هذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي”.

كذلك القضية الفلسطينية التي توليها المملكة أهمية بالغة، حضرت ضمن مضامين الخطاب الملكي، حيث جاء فيه “بنفس الجدية والحزم، نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة”.

وفيما يتعلق بالجوار، حمل الخطاب رسائل قوية تتمثل في أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء، بل يولي أهمية بالغة لروابط المحبة والصداقة، والتبادل والتواصل بين الشعبين المغربي والجزائري.

أيضا أشار الخطاب، إلى قرار تقديم ملف ترشيح مشترك مع إسبانيا والبرتغال، لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، واصفا إياه بـ”الترشيح غير المسبوق، الذي يجمع بين قارتين وحضارتين، إفريقيا وأوروبا، ويوحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويحمل طموحات وتطلعات شعوب المنطقة، للمزيد من التعاون والتواصل والتفاهم”.

خطاب افتتاح البرلمان: تضامن زلزال الحوز والأسرة والأوراش الاجتماعية

طبع الزلزال القوي الذي ضرب عددا من أقاليم المملكة، في الثامن شتنبر 2023، الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.

وجاء في بداية الخطاب “شاءت إرادة الله تعالى أن يضرب الزلزال المفجع بلادنا، مخلفا آلاف الشهداء، والعديد من الجرحى، شفاهم الله. وقد كان المصاب عظيما، والألم شديدا، ومسنا جميعا، ملكا وشعبا، من طنجة إلى الكويرة، ومن شرق البلاد إلى غربها”.

وبعدما أكد الملك، أنه “إذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار، شدد على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية.

وتضمن الخطاب الملكي، إشادة بما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين، وبالتضحيات التي قدمتها القوات المسلحة الملكية، ومختلف القوات الأمنية، والقطاعات الحكومية، والإدارة الترابية، لإنقاذ ومساعدة سكان المناطق المتضررة، وبتعاون الدول الشقيقة والصديقة.

وتطرق الشق الثاني من هذا الخطاب، إلى ورش مراجعة مدونة الأسرة، بناء على قيم الهوية الوطنية التي تقدس الأسرة والروابط العائلية.

وخصص الشق الثالث من خطاب افتتاح البرلمان، لورش تعميم الحماية الاجتماعية، وبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر، حيث جاء فيه “تجسيدا لقيم التضامن الاجتماعي، الراسخة عند المغاربة، فقد قررنا ألا يقتصر هذا البرنامج، على التعويضات العائلية فقط، بل حرصنا على أن يشمل أيضا بعض الفئات الاجتماعية، التي تحتاج إلى المساعدة، ويهم هذا الدعم الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة، والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين”.

واختتم الخطاب برسالة للبرلمانيين، مفادها “لا يخفى عليكم، حضرات السيدات والسادة، دور البرلمان، في إشاعة وتجسيد القيم العريقة وتنزيل المشاريع والإصلاحات الكبرى، ومواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن قضايا الوطن ومصالحه العليا”.

خطاب المسيرة الخضراء: الواجهة الأطلسية ومنجزات ملف الوحدة الترابية

استهل الملك محمد السادس، خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، بالتأكيد على أن المسيرة الخضراء، مكنت من استكمال الوحدة الترابية للبلاد، مشيرا إلى أنه وفاء لقسمها الخالد، “نواصل مسيرات التنمية والتحديث والبناء، من أجل تكريم المواطن المغربي، وحسن استثمار المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، وخاصة بالصحراء المغربية”.

واقترح الملك في الخطاب الذي ألقاه يوم الاثنين 6 نونبر 2023، إطلاق مبادرة دولية تمكن دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، مبرزا أن نجاح هذه المبادرة، يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي.

وأكد في هذا الصدد، أن المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة، بناء على قناعة أن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها، لافتا إلى حرصه على تأهيل المجال الساحلي وطنيا، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية.

وقال الملك “وإذا كانت الواجهة المتوسطية، تعد صلة وصل بين المغرب وأوروبا، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو افريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي. ومن هنا يأتي حرصنا على تأهيل المجال الساحلي وطنيا، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية”.

وسجل الملك أن المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة.

وسطر على أن المغرب، کبلد مستقر وذي مصداقية، يعرف جيدا الرهانات والتحديات التي تواجه الدول الإفريقية عموما، والأطلسية على وجه الخصوص، لافتا إلى أن الواجهة الأطلسية الإفريقية، تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية، ووفرة مواردها الطبيعية.

وتابع الخطاب، “من هذا المنطلق، نعمل مع أشقائنا في إفريقيا، ومع كل شركائنا، على إيجاد إجابات عملية وناجعة لها، في إطار التعاون الدولي. وفي هذا الإطار، یندرج المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا. وهو مشروع للاندماج الجهوي، والإقلاع الاقتصادي المشترك، وتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، إضافة إلى أنه سيشكل مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة”.

واختتم الخطاب بالتطرق لمكتسبات تراكمها المملكة سواء فيما يتعلق بملف الوحدة الترابية أو العلاقات الخارجية “الحمد لله، اعترفت العديد من الدول بمغربية الصحراء، عبرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، هي الحل الوحيد، لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل.كما ساهمت قيم التضامن والتعاون والانفتاح، التي تميز المغرب، من تعزيز دوره ومكانته، كفاعل رئيسي، وشريك اقتصادي وسياسي موثوق وذي مصداقية، على المستوى الإقليمي والدولي، وخاصة مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة.

اقرأ أيضا

الملك.. تدبير الإجهاد المائي وتطوير منظومة التنقل والتحول الرقمي، إشكاليات تسائل الجهات والجماعات الترابية بكل ما يقتضيه ذلك من جدية وتظافر للجهود

أكد  الملك محمد السادس، أن تدبير أزمة الإجهاد المائي، وتطوير منظومة النقل والتنقل، والانخراط في مسار التحول الرقمي، إشكاليات تسائل الجهات والجماعات الترابية بكل ما يقتضيه ذلك من جدية وتظافر للجهود.

وساطة الملك محمد السادس.. نفوذ ومصداقية في خدمة الإنسانية

على إثر وساطة الملك محمد السادس، أُطلق سراح أربعة مسؤولين فرنسيين، كانوا معتقلين منذ سنة في بوركينا فاسو.

برقية تعزية ومواساة من الملك إلى الرئيس الفرنسي

بعث الملك محمد السادس إلى رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، برقية تعزية ومواساة، إثر مرور إعصار تشيدو على أرخبيل مايوت.