لو قال الرئيس بوتفليقة: “أنا باقٍ في الرئاسة رغم المرض حتى يكمل أخي السعيد عهدته الثانية”! لكان لكلامه معنى ودلالة.
بوتفليقة عندما عدّل الدستور للظفر بالعهدة الثالثة، لم يكن يفعل ذلك لنفسه، بل يؤسس دستوريا لعهدة أولى لأخيه تعبر العهدة الثالثة للرئيس آنذاك.. الرئيس وقتها كان مريضا ويعرف أنه أصبح بمرضه هذا في تعارض مع نص الدستور وروحه، ومع واقع دولة تعصف بها الاضطرابات والأزمات وتحتاج إلى رئيس يعيش 18 ساعة على 24 ساعة في رئاسة الجمهورية.
السعيد فعلا فعل هذا منذ العهدة الثالثة، في حين لا يقوم عبد العزيز بذلك.. وقد أصبح الآن لا يحضر للرئاسة إطلاقا… حتى الوفود التي تزوره في شكل زيارات رؤساء الدول والمبعوثين، تتم في بيت الرئيس وليس في الرئاسة.. وهي حالة تشبه حالة مبارك عندما كان يحكم مصر من شرم الشيخ عبر ابنه جمال.
ومن هذه الزاوية فأنا أحسست بالنشوة عندما استقبل الرئيس بوتفليقة الرئيس الفرنسي هولاند في بيته في زرالدة، ولم يستقبله في الرئاسة، وقطع عنه حتى المكيف حتى يشعره بمرارة الاستقبال! وينتزع منه اعتراف فرنسا بحق أخيه السعيد في أن يتم عهدته الثانية ويقطع هولاند بذلك ألسنة السوء التي تطالب برئاسيات مسبقة.
تعديل الدستور والعودة إلى حكاية العهدة الرئاسية المغلقة على عهدتين عمليا لا يعد عبثا دستوريا، لأن فتح الرئيس للعهدات في العهدة الثالثة كان سببه أن نبدأ العهدة الأولى لحكم أخيه.. ولذلك كان من حقه أن ينال عهدة ثانية سميت بعهدة فال دوغراس!
بقي السؤال الجدي الذي يجب أن يطرح وهو: ما هو السر الذي جعل الرئيس بوتفليقة يغيّر 6 رؤساء حكومة وأكثر من 200 وزيرا، وحوالي “طزينة ونصف” من المستشارين بالرئاسة.. وفي كل هذه التغييرات ظل أخوه هو الثابت الوحيد غير القابل للتغيير! لأنه المستشار برتبة رئيس العهدة.
بلخير أبعده الرئيس من الرئاسة لخلافه مع المستشار برتبة رئيس في الرئاسة.. ووزير الداخلية اليزيد زرهوني أبعد هو الآخر للسبب نفسه، وجل رؤساء الحكومة كانت الحكاية نفسها وراء إبعادهم.. مع أن هؤلاء لم تكن لهم أي خلافات مع الرئيس فعليا، فكلهم كانوا يسبّحون بحمده أناء الليل وأطراف النهار! وأتذكر أن الرئيس بوتفليقة في بداية عهده في 1999 وفي لقاء في قصر الأمم، رفض التحدث بالعربية… قائلا: لا يمكن أن أتحدث بالعربية في حضرة سي اليزيد زرهوني؟!
الرئيس في الرسالة التي نشرها في 19 مارس الماضي قال: إن المعارضة تمارس الأرض المحروقة.. ولكن الرئيس في رسالة 5 جويلية الحالي قال: إن المعارضة تؤدي دورها.. والتفسير الوحيد لهذا الأمر، هو أن إحدى الرسالتين فقط صادرة عن رئيس العهدة الرابعة.. أما الرسالة الأخرى، فتكون صادرة عن رئيس العهدة الثانية المستشار!
*صحفي جزائري/”الخبر”