بقلم: فاروق يوسف*
هل هناك خطر فعلي يتهدد الاسلام مصدره جهة ما في العالم، تخطط لمحق الأسلام أو حذفه من قائمة الاديان السماوية؟
يُقال إن هناك حربا صليبية تُشن على الإسلام وهي حرب لا تشنها الكنائس ولا يشرف عليها بابا الفاتيكان، ذلك لأن الكنائس في الغرب تكاد أن تكون عاطلة عن العمل أما البابا فهو ليس سوى رمز شعبي وليس لديه من الجيوش ما لدى الولي الفقيه في ايران.
فهل تحارب سلطات الغرب المدنية الإسلام تحت راية الصليب؟
سيكون الامر في غاية الالتباس نظرا لحساسيته. فالأديان في الغرب لم تعد ومنذ زمن بعيد أمورا تُطرح للنقاش العام، فهي لا تجذب أحدا، كما أن كونها من الشؤون الشخصية التي لا علاقة للآخرين بها لا يستدعي حماسة لمناقشتها. لذلك فإن النظرية التي تفيد بمسؤولية الغرب اللاديني عن حرب دينية شعواء تشن على الإسلام لا تقوم على اساس معرفي صلب.
ثم ما المقصود بالغرب الذي يكيد للإسلام ويتآمر عليه؟
هل هو الغرب السياسي أم الغرب الثقافي أم الغرب العلمي أم الغرب المخابراتي أم الغرب الإقتصادي أم هو العالم الغربي برمته؟
وبالقوة نفسها يمكننا أن نتساءل ما المقصود بالاسلام الذي يستهدفه الغرب بحربه. هل هو اسلام ايران والاجرام التي تدور في فلكها أم هو اسلام حركة طالبان بتجلياتها عابرة الحدود التي صارت لا تحصى لكثرتها؟
ويُقال إن هناك اسلام أميركي، هو ما صار يصطلح عليه بالاسلام المعتدل وهي تسمية سياسية لا علاقة لها باصول العقيدة. ولكن لمَ لا يكون الاسلام المتطرف هو الاسلام الاميركي؟ سؤال صار يعبر عن وجهة نظر الكثيرين ممن لاحظوا أن الحرب التي يعيشها المسلمون اليوم في عدد من بلدانهم لا علاقة لها بجوهر الدين، انما هي انعكاس لما اصطلح عليه في الغرب بـ”الاسلام السياسي”.
وإذا استندنا إلى الواقع في تعريف ذلك الاسلام السياسي سنجد انه ارتبط دائما بالعنف. بالمعنى الذي يشير إلى التيارات المتطرفة. ولأن ما يسمى بالاسلام المعتدل كان مجرد افتراض فإن الفضاء كله قد تُرك مفتوحا لذوي الأصوات العالية، وهم المجاهدون الذين بدأوا مسيرتهم تحت رعاية أجهزة مخابرات تابعة لدول عديدة في أفغانستان ليتموها في العراق وسوريا وليبيا زاليمن.
وفي عودة إلى النموذجين الايراني والطالباني يمكننا أن نكتشف أواصر الصلة بين ما هو متمكن من المجتمع وثابت في وعيه ومتحكم به من خلال السلطة الكلية أو السلطة الجزئية وبين ما هو عابر وطارئ وهجين كما هو حال داعش.
من خلال الطرفين تكتمل صورة الحرب التي يعاني المسلمون، العرب منهم بشكل خاص من كوارثها بإعتبارها حربا تُشن عليهم من قبل الغرب، كما تقترح أدبيات الجماعات الاسلاموية.
ولكن الحقيقة هي غير ذلك تماما.
فالغرب الذي لا يعنيه مصير المسلمين مثلما لا يكترث بالاسلام دينا سماويا يهمه بشكل أساس أن تبقى دائرة العنف تحت السيطرة. بالمعنى الذي يبعد نار تلك الحرب عن مصالحه. فإذا كانت مصالحه مضمونة ومحمية فإن تدخله سيكون حذرا ومحدودا. وهذا ما تكشف عنه حركته البطيئة في مواجهة المآسي التي يتعرض لها جزء مهم من العالم العربي.
لذلك فإن تحميل الغرب مسؤولية الحروب التي دمرت جزءا من العالم العربي بذريعة كراهيته للإسلام إنما يُراد به تحويل الانظار عن حقيقة أن الاسلامويين الذين يتبارون في التحذير من حرب صليبية تُشن على ديار المسلمين هم موقدو تلك الحرب وهم شياطنيها وهم وليس سواهم مَن هيأ للمسلم شرط الكراهية لكي يكون عدو نفسه ولكي يخرب بلاده بيديه.
إن كان الغرب بريئا أو كان مذنبا فإن ذلك لا يقلل من حجم الجريمة التي ارتكبها المجاهدون بإسم الاسلام في حق شعوب لم يكن لديها ذنب سوى أنها كانت مادة الاسلام الأولى.
*كاتب صحفي/” ميدل ايست أونلاين”