بقلم: سعد بوعقبة*
“.. ماذا تنتظرون من رئيس يصرّح في أول عهدته.. إذا الشعب لم يصوّت له، فهذا يعني أن الشعب سعيد برداءته..”! فالغرابة ليست في تصريحات الشخص.. ولكن الغرابة تكمن في سكوت الشعب بمختلف مكوناته المتنوعة ونخبه !
تصريح كهذا لو حدث في بلد وشعب حي آخر، كان سيُحدث فضيحة في المجتمع الحي.. وعليه انتظروا العهدة الخامسة!
زهير: الجزائر
نعم يا زهير، المشكلة الجزائرية ليست في رداءة الحكّام وحدهم، بل أيضا في رداءة النخب التي تقود هذا الشعب.
لقد أخذتني الغيرة مما حدث في تركيا خلال العشريتين الأخيرتين.. إسلاميون يأخذون الانتخابات بأغلبية ساحقة (أربكان) وتسحب منهم القوة العسكرية هذا النصر الانتخابي.. ومع ذلك، يكظمون غيظهم ويلعقون جروحهم كالأسود ويغيّرون الحزب والاسم، ويدخلون الانتخابات برجال جدد وبرامج جديدة، ويأخذون الانتخابات مرة أخرى، ولا تأخذهم العزة بالشرعية والنصر ويحملون السلاح ضد من ظلمهم، كما حدث عندنا.. أو يظلمون معهم الشعب الذين أعطاهم الأصوات.
وبعد 20 سنة من الحكم، يبنون تركيا الحديثة بصورة تثير الإعجاب العالمي، ومع ذلك يقرر الشعب التركي أن يعاقب هؤلاء بسحب الأغلبية الساحقة منهم، لأنهم أعلنوا صراحة أنهم بصدد تغيير دستور البلد إذا حصلوا على هذه الأغلبية!
عندنا عبثوا بالدستور عدة مرات، ولم تتدخل لا النخب ولا الشعب لوقف العابثين عند حدهم! بوسيلة أو بأخرى !
حزب الإسلاميين الأتراك في الحكم ويهزم انتخابيا بطعم الانتصار، والشعب هو الذي يخرج لهذا الحزب البطاقة الصفراء.. رغم الإنجازات التي حققها هذا الحزب لهذا الشعب.
لا يوجد حديث في تركيا عن التزوير أو الضغط أو مصادرة الحريات، فقد أصبح هذا البلد في ظل حكم الإسلاميين لا يختلف ديمقراطيا عن الذي يحدث في أوروبا الغربية وأمريكا، وحتى أكبر الديمقراطيات الحديثة.
أكاد أجزم بأن الديمقراطية أمر لا يتعلّق بالذهنيات فقط، بل يتعلّق أيضا بالجينات.. وجينات العرب وعجم العرب غير قابلة أو جاهزة للديمقراطية أصلا..
لكم أن تتساءلوا لماذا تنجح الديمقراطية في تركيا وماليزيا وإندونيسيا وإيران، ولا تنجح في بلاد براميل البترول الخام؟!
ربما لأن نوعية نخبنا تنتمي إلى جماعة “نخب القيلولة المدعمة”، حسب تعبير أحد الذين طردتهم الرداءة إلى الولايات المتحدة، فتحوّلوا إلى شعلة تضيء على الجزائر من هناك.
*صحفي جزائري/”الخبر”