هل من حق الشعب الجزائري أن يعرف الحقيقة في موضوع الغاز الصخري، الذي تتمسك به الحكومة رغم رفض الشعب لهذا الاستغلال؟
أولا: الدراسات التي أجراها الخبراء في عهد المرحومين بومدين والشادلي دلت على أن المحروقات الجزائرية متجهة للنضوب في ظرف 30 سنة تقريبا بدءا من سنة 1990.. ولكن الأمريكان والفرنسيين ضللوا السلطات الجزائرية في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي، بإيهام الجزائريين بأن البلاد تنام على بحر من الغاز والبترول، وأن زيادة الإنتاج بصورة رهيبة لا تسرّع من عمليات النضوب. وتخلت حكومة بوتفليقة بصفة خاصة عن مبدأ ترك جزء من الغاز والبترول الجزائري تحت الأرض لفائدة الأجيال القادمة، وعمدت إلى ضخ ضعف الإنتاج تقريبا.. وهو ما سرّع عملية النضوب التي كان يتخوف منها الخبراء.
ثانيا: إنتاج الثروة من باطن الأرض وتحويلها إلى دولارات في بنوك أمريكا معناه تحويل المادة إلى “ريح في الشباك” يمكن أن يتبخر مع أول هزة في النظام النقدي الأجنبي، أي تحويل ما نملك إلى شيء لا نملكه أبدا.
ثالثا: زيادة صرف عائدات الضخ المبالغ فيه في شراء آلات وتجهيزات لزيادة الإنتاج مرة أخرى (حالة الغاز الصخري 70 مليار دولار) حجّم الاستثمارات المقررة بغرض تجاوز محنة النضوب السريع وغير المتوقع. والجزائر وضعت شبكة للغاز واسعة وطنية شملت 70% من الساكنة الجزائرية، وستواجه هذه الشبكة بنقص فادح في الغاز الذي نضب، وليس باستطاعة البلاد التي باعت غازها أن تستورد غازا آخر للمواطنين بأسعار قد لا تتصورها الآن.
رابعا: تقول بعض المعلومات إن آبار الغاز الجزائرية في العديد من الحقول قد انخفض الضغط فيها من 120 ميلي بار إلى أقل من 45 ميلي بار.. أي إلى الثلثين تقريبا، بسبب الاستغلال المبالغ فيه لهذه الحقول خلال 15 سنة الماضية.. وبالتالي انخفاض الإنتاج بالنسبة نفسها تقريبا مع ارتفاع منسوب الأملاح التي يتسبب فيها ارتفاع الاستغلال غير العقلاني.. وهو بدوره يتسبب في سرعة إتلاف معدات الإنتاج وارتفاع تكاليف الصيانة للمعدات المخربة بالأملاك، وبالتالي انخفاض عائدات القطاع بسبب ارتفاع التكاليف.
خامسا: الآن يمكن أن نصل، وفي وقت قصير، إلى حالة لا يستطيع فيها الإنتاج الوطني من الغاز والبترول أن يلبي الاستهلاك المحلي، وبالتالي التوقف التام عن التصدير.. لكن “هربة” الغاز الصخري إلى الأمام قد تأكل ما تبقى من عائدات الضخ العشوائي دون أن تقدم ضمانات لأن يحل الغاز الصخري محل الغاز العادي في المحافظة على مستوى الإنتاج.. ومن هنا قد تتحول أنابيب الغاز وآلات الغاز الصخري وغير الصخري إلى خردة! رغم تكاليفها الباهظة.
بعض المعلومات تقول إن مغادرة بعض الشركات لحقول الجزائر سببه عدم وجود الغاز والبترول، وليس الأوضاع الأمنية كما يصوّغ له، لأن الأوضاع الأمنية في العراق أسوأ منها في الجزائر ومع ذلك لم يغادر الأمريكان حقول العراق.. إذن فإن الحوار يجب أن يتجه وجهة أخرى غير الغاز الصخري.. وأن تقول السلطة كامل الحقيقة للشعب الجزائري مهما كانت صادمة!
*كاتب صحفي جزائري/”الخبر”