أيّ إسلام هذا الذي يدعيه هؤلاء القتلة المجرمون،الذي يسمح لهم بحرق مسلم موحد وهو حيّ، وإزهاق روح إنسانية بريئة، والتمثيل بجثة مؤمن بالله.
أي إسلام هذا الذي يدعيه هؤلاء المجرمون، وهم ينتهكون كل الحرمات والمحرمات، بكل الشرائع السماوية وكل قوانين الأرض.
أمس كان التنظيم الإرهابي المجرم داعش يظهر صورته البشعة للعالم كله عندما اعلن قتل البطل ابن الأردن البار الطيار معاذ الكساسبة، حرقا والتمثيل بجثته الطاهرة، ليؤكد للبشرية كلها مدى جرميته وبشاعته، يفعل ذلك ظاناً منه أنه سيؤثر على موقف الأردنيين والتفافهم حول جيشهم، محاولاً ترويعهم، ولكن لن تثني الأردنيين هذه المحاولات الآثمة عن صمودهم في وجه هذا الإرهاب، الذي يضع أمنهم واستقرارهم في عينه منذ عقود، والذي لا يراعي إلاً ولا ذمّة بحرمة حياة البشر.
منذ اللحظة الأولى لوقوع معاذ الكساسبة في يد هذا التنظيم المجرم، أصبح كل أردني وأردنية أبا وأما وأخا وأختا له، واليوم يجدد الأردنيون التفافهم حول عائلته وعشيرته، لأن المصاب واحد والجرح واحد على امتداد الجغرافيا الأردنية.
الجريمة البشعة التي أقدم عليها هذا التنظيم الإرهابي ذهبت إلى أبعد مدى في الإجرام، الذي لم تشهده حتى العصور الحجرية، وهذا يشير إلى مدى حقد هذا التنظيم على الحياة وكل معالمها، ومدى خطورة شروره على المنطقة.
اليوم مطلوب منا كأردنيين أن لا نسمح لأجندة داعش الإرهابية أن تربك صفوفنا، وأن تلين من عزيمتنا في محاربته، لأن دم معاذ الطهور سيكون الدافع الأقوى لأن نبقى متحفزين لردع شرور هذا التنظيم، وعلينا أن لا نسمح لمزاود أو باحث عن شعبية أو دور بأن يزاود على قيادتنا وجيشنا وأجهزتنا الأمنية ومواقفنا الوطنية والقومية، فالجيش الأردني بكل أبنائه على مختلف أسلحتهم وأبناء أجهزتنا الأمنية هم مشاريع شهداء منذ أن يضع الواحد منهم التاج الشريف على جبينه، ويحمل السلاح الطهور بيمينه ويعتمل القرآن بصدره.
ليست هذه المرة الأولى التي يشتبك بها الأردن مباشرة مع أرباب الإرهاب، فالحرب معه هي حربنا، لأنه كما قلنا يضع الأردن في أجندته الشريرة منذ عقود، فهذه فنادق عمان شاهدة، وخطف السفراء ومحاولة التفجير في عمان وشقيقاتها الأردنية، وعشرات المحاولات الأخرى التي أفشلتها أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة شاهدة على إصرار التنظيمات الإرهابية على استهدافنا.
ما يعنينا اليوم هو وحدة الصف الوطني، والحفاظ على معنوياتنا عالية محلّقة، فكلما دفعنا ثمناً باهظاً في هذه الحرب المقدسة ازددنا إصراراً على الاستمرار في هذه الحرب دفاعاً عن ديننا وأمتنا وأمننا واستقرارنا.
رحم الله معاذ، وأنزل السكينة على قلب أمه وقلب أبيه وكل أهله وعشيرته، والأردنيون كلهم عشيرته، وقلب كل جندي أردني نذر حياته لربه وأمته ووطنه، وسيظل الأردن وطن الأحرار ووطن الرجال مهما اشتدت الخطوب، وقست الظروف وسيظل عرين الجيش العربي الذي نعلم أن ردّه سيكون مُزلْزِلا على هذه الجريمة البشعة. ولا نملك إلا أن نقول أمام هذا المصاب الجلل، إنا لله وإنا إليه راجعون.
* رئيس تحرير جريدة الدستور الاردنية