ولاية الفقيه الإيرانية، هي العنوان أو الإسم المرادف للتنظيم السياسي الذي يقوده المرشد والإمام أيه الله خامنيئي، وتنفذه ليس فقط أدوات أو أفعال إيرانية، بل تنظيمات أو أفراد، يؤمنون بولاية الفقيه ويتمسكون بها ويلتزمون تعليماتها، وينفذونها كما تصدر من قبل المرشد خامنيئي، أو من ينوب عنه أو المؤسسة المرتبطة به.
وولاية الفقيه الإيرانية، تنظيم سياسي، ذو مرجعية إسلامية، وهو واحد من التنظيمات الإسلامية الخمسة المتنفذة والعابرة للحدود في العالم العربي، بل يمكن أن يكون أقواها، أو يقف في طليعتها، إلى جانب التنظيمات الأربعة الأخرى وهي: 1- حركة الإخوان المسلمين بقيادة المرشد محمد بديع، 2- تنظيم القاعدة ومرشده أيمن الظواهري، 3- تنظيم داعش وخليفته إبراهيم البدري المكنى أبو بكر البغدادي، 4- حزب التحرير الإسلامي وأميره المهندس عطا الرشته.
وولاية الفقيه هي المرجعية التي تحكم وتتحكم بمصادر ومؤسسات صنع القرار السياسي والأمني والإقتصادي، للدولة الإيرانية، وهي مصدر قوة إيران، وسبب نفوذها الممتد والعابر للحدود في العالم العربي، فقوة إيران لا تكمن في جيشها وتسليحها وثرواتها، وهي مهمة للدولة، ولكن قوتها السياسية والفكرية والعقائدية تكمن في نفوذها الأقليمي في لبنان وسوريا والعراق واليمن وبعض بلدان الخليج العربي، وقدرتها على أن تكون مصدر إلهام، وتمويل، ودعم وإسناد، للعديد من العناصر والتنظيمات والمؤسسات والأحزاب الجماهيرية التي تدين بالولاء لولاية الفقيه وللمرشد، وتعمل على خدمة مصالح طهران وحمايتها، وهي بالتالي تستجيب للدعوات والبرامج الإيرانية، مما يخلق الأرضية المناسبة للعمل المشترك، كل حسب قدراته وإمكاناته، ولذلك تتحرك هذه العناصر وتنشط هذه التنظيمات بما يسمح لتهديد كل من يحاول تهديد المصالح الحيوية والرؤى الأيديولوجية للطرفين : 1- ولاية الفقيه، 2- ولكل من يرتبط بها ويعمل وفق إرشاداتها.
لندقق ما جرى في العراق، فالفعاليات التنظيمية والسياسية والأمنية المرتبطة بولاية الفقيه هي التي ورثت نظام حزب البعث القومي، ورئيسه الراحل صدام حسين، وتم ذلك بالتنسيق والتفاهم مع الأميركيين، مثلما ورثوا مؤسسات الإحتلال الأميركي، وباتوا هم القوة الكبيرة المهيمنة على مقدرات الدولة العراقية.
الأميركيون بعد نجاحهم في إسقاط حكم الرئيس الراحل صدام حسين، عبر التدخل العسكري والقوة المسلحة المتفوقة، فشلوا في إيجاد بديل ديمقراطي تعددي لنظام حزب البعث، فعملوا على التفاهم مع الإيرانيين، وكانت حصيلة ذلك، أن العراق اليوم يعيش لحظات التفاهم الأميركي الإيراني، وإنعكاساته على مجمل الوضع العربي، فالقرار الأميركي لم يعد حاسماً في العمل على إسقاط الرئيس بشار الأسد، وتحول الإهتمام نحو الوصول إلى تسوية سياسية في سوريا بين النظام والمعارضة.
والتفاهم الأميركي الإيراني هو الذي أسقط حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، رغم أن كتلته البرلمانية هي الأقوى ولديها العدد الأكبر من المقاعد البرلمانية، بحصولها على 92 مقعداً نيابياً، مثلما أن التفاهم الأميركي الإيراني هو الذي جلب حيدر العبادي رئيساً لحكومة العراق، وفتح لها بوابات العمل، وصولاً للنجاح الذي يسعى له ويعمل على إنجاحه، ولم يتم ذلك، إلا عبر دور إيراني مباشر، جعل كتلة العبادي تنشق عن المالكي بثمانية وثلاثين مقعداً، أفقدت المالكي الأغلبية البرلمانية المطلوبة.
وفي التدقيق بتصريحات الرئيس أوباما نلحظ مدى الإهتمام الأميركي، للعمل على نجاح المفاوضات الإيرانية مع الدول الستة، هم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن مع المانيا.
وما يجري في اليمن من إنقلاب الحوثيين المرتبطين بولاية الفقيه على مؤسسات الدولة والتدخل في عملها وشل وظيفتها، في ظل صمت واشنطن إنعكاساً للحرص الأميركي على إستمرارية التفاهم مع طهران، وعدم إثارة ما يحول دون التوصل إلى إتفاقات عملية بعد إرساء عناوين التفاهم والحفاظ عليها وإنجاحها.
* كاتب أردني/ “الدستور”