الحملة الانتخابية الرئاسية بدأت تأخذ منعرجا حاسما دون شك.
اذ أن الأيام المتبقية معدودة أمام المترشحين، فيما نلاحظ بقوة أن الخطاب السياسي لجل المترشحين جاء مشحونا بالوعود وبملامسة انتظارات الشعب من الحراك الذي تعرفه البلاد.
لكن هذا الخطاب الصادر عن المترشحين لم نر منه شقّا يهمّ الـ60٪ من الناخبين المسجلين في القائمات الانتخابية والذين سجلوا عزوفهم يوم السادس والعشرين من أكتوبر المنقضي عن التصويت.
هؤلاء الناخبون المسجلون والذين لم يصوّتوا، لم نر خطابا مقنعا صدر عن المترشحين يحثّهم على تحمّل مسؤوليتهم التاريخية كي يمارسوا حقهم في صياغة المشهد السياسي.
إن هذه الكتلة التي تفوق نصف الناخبين على المترشحين للرئاسية تجاههم حق العناية والانصات ومعرفة معاني موقفهم الذي أبدوه وهم يعزفون عن التصويت.
والحقيقة، كانت ستكون نقلة نوعية في الخطاب السياسي الانتخابي لدى المترشحين لكرسي الرئاسة لو رأينا أو رصدنا توجها من هؤلاء الى المعرضين عن الانتخابات بأن يتضمن الخطاب حثّا على التصويت انطلاقا من معطيات ملموسة تهم بالأساس تطلعات أغلبية التونسيين وانتظاراتهم من خمس السنوات القادمة ومن الماسكين بالسلطة القادمين.
بالتأكيد أن العاصفة التي مرت بها تونس ولا تزال من أزمة حكم الى أزمة أمن أثّرت كثيرا في اختيار الناخبين المسجلين بين الذهاب الى مكتب الاقتراع وبين العزوف عنه. والأكيد ان هذه الأغلبية التي تقدّر بستين بالمائة من الذين لم يذهبوا الى مراكز الاقتراع يوم 26 أكتوبر بدوا مصدومين من الاغتيالات السياسية عبر الجريمة الجديدة التي لم تكن تعرفها تونس الا زمن الاستعمار، وكذلك ضربات الارهاب وتسرّبه الى البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية اضافة الى خوف وارتباك التونسيين بخصوص مستقبل أبنائهم في التعليم والتشغيل وتدهور الطاقة الشرائية وهي عوامل سلبية وتراجعات سجّلتها تونس في غفلة من الاستحقاقات الحقيقية للثورة… وهي استحقاقات تتماهى بالضرورة مع منطق التقدم ومنطق التاريخ، منطق يؤكد ان اليوم يجب أن يكون أفضل من البارحة وغدا هو أفضل من البارحة ومن اليوم.
* باحثة في الإعلام والاتّصال والعلوم السّياسيّة/”الشروق” التونسية