لم تعد الأوضاع في ليبيا تحتمل مزيداً من التأخير في الحلول، ولابد من إعادة النظر في أولويات المرحلة المقبلة، بخاصة في ظل التطورات التي حملتها الأسابيع القليلة الماضية، بعودة حكومة فايز السراج، إلى العاصمة طرابلس والمؤازرة العربية والدولية لها، وسط آمال بحلحلة الأمور فيها.
تنتظر الحكومة الحالية دعماً محلياً، إضافة إلى الدعم العربي والدولي، فهذا الدعم مطلوب في المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، بعد أن خرجت من حرب دامية استطاعت خلالها الميليشيات من تثبيت مواقعها في مفاصل الدولة، فيما اتجه البعض منها إلى النزوع نحو فصل البلاد، وتكوين كيانات خاصة بها، وهو ما يشكل خطراً على وحدة البلاد مترامية الأطراف.
حضور حكومة السراج في العاصمة، وبدء ممارسة مهامها القانونية والدستورية يؤكد رغبة إقليمية ودولية في إعادة تثبيت الأمن والاستقرار في هذا البلد، بعد أن تمكنت القوى الداخلية والخارجية من إعادة صياغة علاقة جديدة بين الأطراف السياسية، وصولاً إلى حل نهائي من شأنه أن يبعد شبح التقسيم الذي يطارد البلاد، منذ الاحتجاجات الشعبية التي طالت الزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011، والتي جاءت ضمن الأحداث التي شهدها العديد من الدول العربية، بعضها سار في اتجاه التغيير، كما حصل في تونس والبعض الآخر سار إلى دمار، ومازال كما يحدث اليوم في كل من سوريا واليمن.
إقرأ أيضا: ليبيا..المؤسسة الوطنية للنفط تعلن تبعيتها لحكومة السراج
وإذا ما كانت الأوضاع تأخذ منحى تصاعدياً باتجاه الحل السلمي، وإن كان بطيئاً، وفي أولى خطواته، كما هي الحال في اليمن، إلّا أن مخاوف ما يحدث في سوريا، يجعل الكثير من المخاوف مشروعة لعودته في ليبيا بشكل أسوأ من السابق، بخاصة أن التحديات في هذا البلد لاتزال قائمة حتى اليوم، فالحروب الصغيرة لاتزال مستمرة والميليشيات لاتزال تتحكم في كثير من المناطق.
يجب مد اليد إلى مختلف القوى السياسية في البلد، وترك الخلافات السياسية جانباً، حتى تعاد صياغة علاقة جديدة بين مختلف الأطراف السياسية في البلد، ويستطيع الوقوف على قدميه من جديد.
دعم حكومة السراج واحدة من القضايا المطروحة من قبل القوى الإقليمية والدولية لتخليص ليبيا من مرحلة التشظي والتمزق، منذ إطاحة القذافي قبل نحو ثلاثة أعوام ونصف العام، دخلت من خلالها ليبيا منعطفات حادة، وتفشى فيها العنف والتطرف، كما حصل من ظهور وتوسع لتنظيم «داعش» إضافة إلى التنظيمات المتشددة الأخرى، من بينها «القاعدة».
لا نحتاج إلى نزيف دم جديد في ليبيا، كما حدث فيها قبل سنوات، وكما يحدث اليوم في سوريا واليمن، من هنا يجب مساعدة الليبيين في الخروج من النفق الذي وجدوا أنفسهم فيه.
كاتب صحفي/”البيان”