التزمت وسائل الإعلام الإسبانية في مجملها، ما يشبه “التحفظ والصمت” حيال الأخبار التي تحدثت عن دفع مدريد مبالغ مالية مهمة لتنظيم النصرة السوري الذي يعد امتدادا للمنظمة الأم”القاعدة “.
وحسب معلومات أوردتها أمس جريدة “الباييس” الإسبانية، استنادا إلى مصادر عدة، فإن إسبانيا سلمت 3.7 مليون دولار أمريكي مقابل كل واحد من الصحافيين الثلاث الذين استعادتهم بلادهم يوم الثامن من الشهر الجاري، بعدما ظلوا رهائن لدى مقاتلي ” النصرة ” التي تحارب النظام السوري، مدة عشرة أشهر.
وكانت الحكومة الإسبانية طلبت مساعدة تركيا وقطر، للإسهام في تحرير الصحافيين الثلاثة الذين دخلوا الأراضي السورية عبر الأراضي التركية ، كصحافيين يعملون لحسابهم الخاص ما يثير تساؤلات مشروعة بخصوص هوياتهم المهنية الحقيقية والجهة التي غامروا بحياتهم من أجلها..
وكانت تركيا، قدمت لإسبانيا مساعدات من هذا القبيل في وقت سابق ،أسفرت عن إطلاق سراح صحافيين آخرين كانوا في قبضة تنظيم “داعش” ما جعلها تكرر المحاولة مشركة معها هذه المرة دولة قطر، باعتبارهما متورطتين في الشأن السوري
وفي هذا الصدد، ذكرت اليومية التركية “ييني سافك” المقربة من حكومة أنقرة، أن المفاوضات من أجل فك اسر الصحافيين الإسبان، مرت بلحظات عصيبة ، اشتد خلاها خوف سلطات مدريد على مصير مواطنيها بالنظر إلى عدم الثقة في الخاطفين والتوجس من صدقية الوسطاء، ما أرغمها على تكثيف الاتصالات بالقطريين والأتراك .
وتضاعف خوف إسبانيا على رعاياها بعد تهديد روسيا بقصف مدينتي حلب وأدلب، لطرد المقاتلين منهما، خاصة وأن السلطات الإسبانية كانت تشك في وجود الصحافيين بمنطقة قريبة من المدينتين. لكن تسجيل فيديو ، أظهر الصحافيين على قيد الحياة، ما شجع السلطات الإسبانية على الإسراع بمسلسل تحرير الرهائن، خوفا من تطور دراماتيكي، خاصة وأن الأوضاع السياسية في إسبانيا غير مستقرة، تدبرها حكومة سيخلي وزراؤها مكاتبهم بعد أكثر من شهر بقليل.
وأضافت ذات الصحيفة التركية أنه تم عقد ست لقاءات على الأقل ببين الوسطاء والجانب الإسباني الذي مثله خبراء في الأمن والاستخبارات ،انتهت بالاتفاق على مبلغ هو دون ما طالب به الخاطفون في البداية أي 25 مليون دولار والذي انخفض إلى 1101 مليون أي 3.7 مليون مقابل كل رأس، مع وعد إسباني بتقديم مساعدات إنسانية للمهجرين السوريين .
ولم تذكر الصحيفة التركية معلومات مدققة عن الكيفية التي بها التسليم والتسلم، باستثناء إشارات غير واضحة مفادها أن القطريين هم الذين اقتادوا الرهائن إلى الحدود السورية التركية، بعد ما سلموا المبالغ إلى الخاطفين أو من ناب عنهم، مشيرة إلى أن تنفيذ الاتفاق ضمنته تركيا وقطر.
ومن جهته لم ينف وزير الخارجية الإسباني، مانويل ما رغايو، الذي سئل عن الموضوع في العاصمة الكوبية “هافانا” عن الأخبار المتناسلة عن عملية تحرير الرهائن والفدية، مثلما لم يؤكد ما هو رائج، قائلا إنه في وضع لا يسمح له بقول أكثر. لكن نائبة رئيس الحكومة الإسبانية المؤقتة “سريا سانتا مريا ساينث” التي تولت التنسيق باسم الحكومة خلال أطوار العملية، قدمت الشكر لتركيا وقطر على جهودهما ونجاحهما في إقناع الخاطفين بإخلاء سبيل الصحافيين .
ومن الواضح ان الوجه الإنساني للعملية التي انتهت بإنقاذ أرواح ثلاثة مواطنين ، أزاحت الكابوس عن عائلاتهم، هي التي جعلت الصحافة تتحفظ بواجب الإخبار وتنوير الرأي العام، فالذين يمسكون الحقيقة لا يمكنهم الإفراج عنها، لأن ذلك يمس أطرافا وجهات أخرى؛ كما أن الحرب في سوريا لم تنته، بمعنى أن عمليات إرهابية مماثلة غير مستبعدة، بل الخطر من هذا أن الحكومات الغربية باتت عاجزة عن الوفاء بتعهداتها بالامتناع عن دفع “فديات” والرضوخ للخاطفين خاصة وقد أصبح “الاختطاف والاحتجاز” عملية يتاجر فيها بأرواح الأبرياء وابتزاز عائلاتهم وحكومات بلدانهم.