قوبلت تصريحات زعيم حركة بوديموس ، العنيفة بخصوص الصحافة، بوابل من النقد والاستنكار أجمعت عليه غالبية المنابر الإعلامية، دفاعا عن شرف المهنة وتضامنا مع أحد ممثليها الصحافي بجريدة “إلموندو”.
وكان، بابلو إيغليسياس، تلفظ بعبارات معيبة في حق الصحافة الإسبانية التي تتابع وتغطي أنشطة حزبه، فقد وصفها بالانحياز والكذب واختلاق الأخبار والبحث عن الإثارة، كونها في نظر زعيم “بوديموس” تخدم أجندة سياسية معينة أو موجهة لإظهار سلبيات التنظيم.
وازداد الموقف تعقيدا حينما ذكر زعيم الحزب الفتي، صحافيا بالاسم (كارفخال) بمحضر زملائه، أثناء تظاهرة ثقافية احتضنتها جامعة مدريد المركزية حج إليها كثيرون؛ ما خلف استياء واسعا في الجسم الأعلامي امتد للطبقة السياسية التي استنكر بعض قادتها العبارات غير اللائقة التي أدلى بها زعيم بوديموس، لدرجة أن جريدة الباييس الواسعة الانتشار أفردت افتتاحية للتعليق على كلامه السيئ، بخصوص السلطة الرابعة. وهو الموقف الذي لم تستسغه قيادية في الحركة ذاتها(كارولينا بيسكانسا) التي أبدت عدم اتفاقها مع الزعيم غير أنه طالبت بفتح نقاش عمومي حول الصحافة التي تعتقد “كارولينا” أنها غير موضوعية حيال حزبها.
وذكرت الباييس زعيم بوديموس بالدور الموكول للصحافة والإعلام في الدول والمجتمعات الديمقراطية والمتمثل في الحيلولة دون جموح السلطة السياسية وتغولها، محذرة من نزوع استبدادي بدأ يظهر أخيرا في السلوك السياسي لبابلو إيغليسياس، ما جعل الجريدة تشبه سلوكه بما ارتكبه في حق صحافة بلاده ديكتاتور، فنينيزويلا، الراحل، هوغو شافيث، في إشارة ضمنية إلى تأييد أيغليسياس لهذا الأخير والعمل إلى جانبه مستشارا في الرئاسة.
ومن جهته وصف أستاذ جامعي (رامون كاتاريلو) اشرف على رسالة الدكتوراه التي ناقشها إيغليسياس، في الجامعة المستقلة بمدريد؛ وصف الطالب القديم بـ “الأحمق”.
إلى ذلك تضاءات إلى حد الصفر فرص التوصل إلى حل سياسي للأزمة الحكومية في إسبانيا وبات من المرجح، باستثناء حدوث معجزة، أن يعلن العاهل الإسباني حل البرلمان، في إعقاب انتهاء مشاوراته يومي الاثنين والثلاثاء، مع ممثلي الأحزاب السياسية في البرلمان الحالي.
وكان، ألبرت ريفيرا، زعيم ثيودادانوس، في محاولة أخيرة، ناشد الزعيمين الاشتراكي والشعبي، التنازل عن كبريائهما الحزبي وفسح المجال أمام تشكيل حكومة تلافيا لتوجه الناخبين ثانية لصناديق الاقتراع.
وفي هذا السياق تم تداول اسم أكاديمي وفيسلوف من مواليد 1939 يدعى “خوصي أنطونيو مارينا” معروف على نطاق واسع في الأوساط الجامعية والثقافية وحتى الإعلامية بالنظر إلى مساهماته بالكتابة في الصحف والدوريات.
ويجمع الفيلسوف الإسباني بين اهتمامين يبدوان متناقضين في الظاهر إلا أنه استطاع التوفيق بينهما واستثمار ذلك التزاوج في العديد من الأبحاث والدراسات التي أنجزها والكتب التي نشرها. فهو من جهة مشغول بالفكر الفسلفي الخالص ويعتبر من أتباع الفيلسوف الألماني (هوسرل) مؤسس الظاهراتية (الفينومينولوجيا) إلى جانب الفيلسوف العربي ابن رشد، الذي أخذ عنه”مارينا” نظرية الحقيقة المزدوجة.
وعلى الصعيد السياسي أي الاهتمام الثاني للرئيس الافتراضي للحكومة الإسبانية، فقد أنجز في هذا الإطار عدة أبحاث متصلة باليات الذكاء والخلق والإبداع الأدبي والفني كما درس البنيات السياسية في المجتمع نال عنها جوائز وتنويهات في المحافل العلمية.
إقرأ أيضا: المسؤول الثاني في بوديموس ..مررت بأيام صعبة ولسنا من مصنع واحد
ولم يلق اقتراح، ريفيرا، تجاوبا وصدى من لدن الطبقة السياسية التي اعتبرت أن اللجوء لمرشح مستقل، فيلسوفا كان أو تكنوقراطيا، يعتبر حكما بالفشل على الأحزاب السياسية.
وعلى صعيد آخر، شرعت مؤسسات استطلاع الرأي في عرض تنبؤاتها، لكن لوحظ تفاوت في تقديراتها، إلا تجمع على أن الحل لن يكون سهلا وفي متناول اليد بعد الإعادة بل ربما يتعقد الموقف أكثر بعد ظهور نتائج الاستحقاقات التشريعية المعادة.
وأشار بعض المحللين في تعليق لهم على استطلاع توقع تراجع الحزب الاشتراكي أمام بوديموس التي ستستفيد من أصوات اليسار الموحد بعد إبرام الحزبين اتفاقا انتخابيا.
ويتوقع المحللون أن يذوب اليسار الموحد أو الشيوعي سابقا، وهذا ما يسعى إليه، بابلو إيغليسياس، الحريص على فرض زعامته لغاية نفعية عاجلة تتمثل في الانتقام من الاشتراكيين وانتزاع المرتبة الثانية منهم في البرلمان المقبل، لكن ذات المحللين لا يقللون من قدرة زعيم اليسار الموحد على مقاومة طموحات أيغليسياس.
ويشترك في هذا التخوف، الرجل الثاني في، بوديموس، إينييغو إريخون، الذي لا ينظر هو الآخر بعين الرضى إلى تقلبات زعيمه، وانتقاله من يسار الوسط نحو اليسار المتطرف، ما قد يلقي بظلاله السلبية على تماسك بوديموس.