يتخوف الإسبان من تكرار المشهد السياسي الذي أفرزته الانتخابات التشريعية يوم العشرين من شهر ديسمبر الماضي والتي لم تمنح أي حزب أغلبية مطلقة تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده.
وتتراوح تقديرات استطلاعات الرأي التي ستتكاثر في غضون الأسابيع المقبلة، بين تقديرات متفاوتة يذهب بعضها إلى منح صدارة الترتيب إلى الحزب الشعبي إذ يحتمل أن يشارف عدد مقاعده في البرلمان المائة والثلاثين، بينما يتوقع حصول الحزب الاشتراكي على أقل من 90 نائبا التي فاز بها، وستعد خسارة ثانية وكبرى له.
وأرجع محللون سياسيون، التراجع المحتمل في نتائج الاشتراكيين إلى فشل أمينهم العام، بيدرو سانشيث، في تحقيق إجماع حول شخصه لرئاسة الحكومة، كونه أنساق وراء “مناورات”حزب “بوديموس” الذي أظهر منذ البداية أنه يريد حكومة بشروط يصعب على الاشتراكيين القبول بها، وأخطرها تبني موقف الأحزاب القومية اليسارية، بتأييد أجراء استفتاءات تقرير المصير في الأقاليم التي ترغب في ذلك ودعم المسلسل الانفصالي في اقليم “كاتالونيا”.
وفي هذا السياق جدد المرشح الاشتراكي لرئاسة الحكومة، رفضه التحالف الحكومي، كيفما كانت النتائج، مع الحزب الشعبي، بالنظر إلى للتباين الكبير بين الحزبين اللذين تناوبا على حكم إسبانيا خلال العقود الماضية، كما أعلن تحرره من الاتفاق المبرم سابقا مع “ثيودادانوس”.
ولم يحبذ حزب ثيودادنوس الذي صاغ برنامجا للحكومة مع الاشتراكيين خلال المشاورات التي انتهت بالفشل، اللهجة القاطعة التي استبق بها “سانشيث” فكرة التواجد في حكومة ائتلافية إلى جانب الحزب الشعبي.
وستكون الصدمة قاسية للزعيم الاشتراكي إن تمكن الحزبان: الشعبي وثيودادانوس، من الحصول معا على أغلبية في البرلمان، على الرغم من”البرت ريفيرا” يتمنى لو ان الحزب الشعبي اختار مرشحا آخر غير، ماريانو راخوي، الذي يتحمل، برأيه، مسؤولية معنوية بخصوص ملفات الفساد الواسع الذي كشفت بعض تفاصيله خلال الأشهر الماضية، تورط فيه قياديون من الحزب المحافظ.
وفي الجانب الآخر، يبدو أن شهية حركة “بوديموس” ما تزال مفتوحة، ليس للسلطة فقط وإنما لإزاحة الحزب الاشتراكي من الطريق. وفي هذا الصدد تم الاتفاق بين الحركة واليسار الموحد (بقايا الحزب الشيوعي) على تحالف أو تنسيق في الانتخابات المقبلة لم تتضح طبيعته بعد، سوى أنه يستهدف بالأساس، طبقا لتحليلات، تجاوز عدد مقاعد الحزب الاشتراكي في البرلمان المقبل، ما قد يمكن، بوديموس، من الإمساك بخيوط اللعبة السياسية ليلة السادس والعشرين من يونيو؛ ما يعني بالضرورة أن الحزب الاشتراكي سيجد نفسه مقصيا من حكومة اليسار التقدمية التي طالما تمناها زعيمه.
وإذا تحقق الافتراض، فسيشكل النهاية السياسية لزعامة، بيدرو سانشيث؛ بل يبدو أن رفاقه تركوه يخوض المعركة الأخيرة بمفرده وهم يدركون أنها خاسرة، ما عدا لو حصلت معجزة.
وبرأي مراقبين فإن ما يتهدد اليسار الإسباني، بتنويعاته، هو إحجام نسبة من الناخبين عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 26 يونيو،يقدرونها، قبل الشروع في الحملة الانتخابية، ما بين 3أو4 في المائة، معتقدين أن الغياب سيصب في صالح كفة التيار المحافظ، بل بدأت نداءات المقاطعة تخرج من قيادات معارضة في اليسار الموحد، لا تنظر بعين الرضي، لارتماء حزبهم التاريخي في أحضان حركة متقلبة الأهواء، مثل بوديموس.
إقرأ أيضا: “پوديموس”يشترط وزارات سيادية وعينا على الاستخبارات والجريدة الرسمية!!
وعلى صعيد آخر، ألتزم، ماريانو راخوي، بتنظيم حملة انتخابية هادئة ونظيفة، مستبعدا الدخول في مشاحنات ومنازعات حزبية، ملتزما بتوفير مليوني فرصة عمل خلال الولاية الحكومية المقبلة.
يشار إلى أن كشف ملفات الفساد وخضوع مسؤولين من الحزب الشعبي لتحقيقات أمنية وقضائية، لم يِؤثر في شعبية الحزب الحاكم إلى حين إعادة الانتخابات التشريعية التي سيحافظ فيها طبقا لقرائن عدة على المرتبة الأولى، ما يؤهله دستوريا لرئاسة الحكومة، وقد تسهل مأموريته إن حصل حزب، ثيودانوس، على نتيجة مرضية.