الرئيسية / دولي / الاشتراكي الإسباني قد يضطر للتحالف مع الشعبي لردع تعطش بوديموس للسلطة؟
الاشتراكي الإسباني

الاشتراكي الإسباني قد يضطر للتحالف مع الشعبي لردع تعطش بوديموس للسلطة؟

بات الأمين العام للحزب الاشتراكي الإسباني ، بيدرو سانشيث، المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، مقتنعا اشد الاقتناع، أن غريمه السياسي، بابلو إيغليسياس، يسعى بكل الوسائل إلى تجاوزه والثأر منه في الانتخابات التشريعية المعادة يوم 26 من يونيو القادم، وبالتالي قطع الطريق عليه كي لا يكرر المحاولة الفاشلة التي قام بها مع البرلمان المنحل للوصول إلى قصر “لامنكلوا”.
وكان زعيم، بوديموس، واضحا حينما شدد قبل أيام على أن الحزب اليساري الذي سيكون من حقه تشكيل الحكومة، هو من يحصل على أكبر عدد من الأصوات وليس عدد المقاعد، في إشارة واضحة إلى أن حزبه سيتوفر على هذا الشرط، مستفيدا من الأصوات المضافة إليه بعد إبرام تحالف انتخابي مع اليسار الموحد(الشيوعي سابقا) بزعامة، ألبرتو غارثون، الذي حصل في البرلمان السابق على مقعدين، إذ اقترب مجموع الأصوات التي نالها من المليون التي ستحتسب ضمن رصيد الحزبين المتحالفين حتى ولو بقي الاشتراكي في المرتبة الثانية من حيث المقاعد.
ولم يكتف، إيغليسياس، بالبحث عن مساندين جدد لإضعاف الاشتراكيين، بين شخصيات نقابية وقيادات يسارية وقضاة متعاطفين معهم ومن المجتمع المدني، بل تجرأ على قلعة العسكريين الحصينة واستقطب منها رئيس الأركان العامة للجيش الإسباني الجنرال “أنطونيو رودريغيث” خلال ولاية رئيس الحكومة، الأسبق خوصي لويس ثباطيرو ؛ كما أعاد إلى الواجهة السياسية الزعيم الشيوعي التاريخي “خوليو أنغيتا” الذي ما زال محتفظا بشعبية لدى قوى اليسار التقليدي في إسبانيا، علما أنه لم يوافق في البداية على تحالف بين اليسار الموحد وبوديموس.
وأربك هذا الزحف والتعطش المحموم للسلطة لدى زعيم بوديموس، مخططات زعيم الاشتراكيين الذي لم يفلح في إقناع الرأي العام وزعامات حزبه باستحالة التحالف مع الحزب الشعبي اليميني، رغم تصدره الانتخابات السابقة أصواتا ونوابا في البرلمان، كما يرفض في الوقت ذاته الإذعان لشروط “بوديموس” التعجيزية، بينما يبحث الأخير عن التحالفات وزبناء في كافة الاتجاهات، بين اليساريين المتقاعدين والشخصيات الشعبية وكذا التنظيمات الإقليمية المناهضة للحكومة المركزية.
وظهرت حيرة الزعيم الاشتراكي خلال زيارته الأخيرة لألمانيا، للتشاور مع الطبقة السياسية هناك. ففي تصريحات لصحافة بلاده جدد معارضته المطلقة لأي تحالف مع الحزب الشعبي، مبررا موقفه باختلاف النموذج الألماني عن الإسباني،داعيا الحزب الشعبي إلى تغيير قيادته وتجديد هياكله، موجها أشد الانتقادات إلى زعيمه الحالي، ماريانو راخوي، لدرجة وصفه بالكذب، كونه لم يتحكم، بينت أمور أخرى، في نسبة العجز التي يشترطها الاتحاد الأوروبي، لاستقرار المالي.
وما لبث، سانشيث، أن تراجع عن حدته في تصريحات أخرى أدلى بها لصحافي ألماني “سباستيان كويب” فقد تحدث إليه بلغة مغايرة ومعتدلة حيال الحزب الشعبي، مشيرا إلى إنه منفتح على كافة الاتجاهات.
وبرأي مراقبين، فإن المرشح الاشتراكي لرئاسة الحكومة الإسبانية، سمع من محاوريه في ألمانيا كلاما هو أشبه بالتحذير فقد حثوه على التحلي بالمرونة والواقعة وتجريب التحالف مع اليمين الإسباني، كونه، يؤمن على الأقل، وضعا سياسيا مستقرا ولو إلى حين من الزمن لإسبانيا، يمكنها من إدخال الإصلاحات الهيكلية التي عبر عنها الشعب الإسباني في الانتخابات الأخيرة والتي لا يمكن تمريرها في المؤسسة التشريعية دون تأييد الحزب الشعبي بالنظر إلى وزنه في المؤسسة التشريعية.
وتلتقي النصيحة الألمانية مع الجهات النافذة في الاتحاد الأوروبي التي تحذر صراحة، من مخاطر الشعبوية وعدم رغبتها في تكرار فصول “التراجيديا الإغريقية” في مدريد؛ خاصة وأنه لم يعد مضمونا استمرار بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي، ما قد يشكل ضربة وتصدعا لكيانه السياسي والاقتصادي وبالتالي عجز القارة العجوز عن مواجهة المتغيرات العميقة الحاصلة داخل فضائها وخارجه إن انفرط عقدها.
ويدرك الزعيم الاشتراكي، مصاعب تحالفه الاضطراري مع الحزب الشعبي الذي يرفض التنازل عن الحق الدستوري في الرئاسة، كما يحتمل أن يلاقي معارضة لدى قطاعات من حزبه. وكلها مخاوف يحتمل ان تعمقها نتيجة اقتراع 26 يونيو الذي تجمع استطلاعات الرأي، قد يعيد استنساخ المشهد الذي فاجأ الإسبان ليلة العشرين من ديسمبر الماضي بل ربما يضعف الاشتراكيين.
لكن الحال لن يكون سهلا بالنسبة لبوديموس وحلفائهم، فبوادر الخلاف قائمة بين القياديين الأول والثاني في الحركة (إيغليسياس وإ ريخون) بخصوص المحافظة على صفاء المرجعية التي استندت عليها “بوديموس” كتجربة مخالفة للأحزاب اليسارية التقليدية، بينما يسعى، إيغليسياس، بإرادة لا تخلو من التسلط، إلى إرجاع الحركة الفتية إلى أتون الصراع القديم بين أجنحة اليسار، مقابل إشباع رغبته في الوصول إلى كرسي السلطة، لتنفيذ أجندته المضادة للنظام (أنتيسيستم) في ظرفية بالغة التعقيد تمر بها إسبانيا.