يبدو أن تركيا أصبحت سيدة اللعبة في ما يعرف بـ أزمة اللاجئين ، فبعد أيام قليلة على مسودة الاتفاق الذي أثمرته قمة بروكسيل والذي يقضي بإعادة اللاجئين المتواجدين في الجزر اليونانية إلى تركيا مقابل قبول الاتحاد للاجئين في هذه الأخير، أعلنت أنقرة رفضها لهذا المقترح.
ووفق ما أفادت به وكالة أنباء “الأناضول” اليوم الخميس، قررت أنقرة رفض إعادة اللاجئين غير الشرعيين من الجزر اليونانية بالرغم من مسودة الاتفاق، مشيرة إلى أن الاقتراح الذي قدمته بلاده لا يشمل المهاجرين باليونان.
وفي تصريحات له، أكد فولكان بوزكير الوزير التركي المكلف بالشؤون الأوروبية أن “المقترح الذي قدمته بلاده خلال القمة الأوروبية-التركية لا يشمل المهاجرين غير النظاميين بالجزر اليونانية” معتبرا أنه وفي حال تم التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن إعادة المهاجرين، فمن الضرورة الحديث عن أرقام تقدر بالآلاف أو عشرات الآلاف كأقصى حد وليس الملايين.
وكانت السلطات التركية توصلت مع الاتحاد الأوروبي إلى مسودة اتفاق بخصوص أزمة اللاجئين وتدفقاتهم الفوضوية نحو دول الاتحاد، والتي نصت على إعادة تركيا “كل المهاجرين العالقين في اليونان” إضافة إلى قبول أوروبا للاجئ سوري من تركيا مقابل إعادة الأخيرة للاجئ سوري آخر من اليونان.
هذا ومنح الاتحاد الأوروبي السلطات التركية مهلة إلى غاية 18 من شهر مارس الجاري للتوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص المسودة.
وكانت تركيا وضعت جملة من الشروط مقابل مساعدة الاتحاد الأوروبي في مواجهة أزمة اللاجئين ، حيث طالبته بمضاعفة الدعم المخصص سابقا في 3 مليارات دولار، إضافة إلى إلغاء تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد وتسريع انضمامها إلى الأخير.
وفي حديثه عن مسودة الاتفاق الأوروبي التركي، قال المحلل السياسي الروسي يفغيني شيستكوف أن الاتفاق الثنائي سيكون بمثابة “وصمة عار” في تاريخ القارة العجوز كونها منحت السلطات التركية فرصة لتكون “سيدة اللعبة” على حد قوله، كما ستضع حدا لما وصفه بـ “تملق السياسيين الأوروبيين للرئيس التركي”.
وفي نفس السياق، أضاف شيستكوف في مقال نشر في صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الروسية الحكومية أن “صفقة أنقرة وبروكسيل” من شأنها أن تهدد استقرار الاتحاد الأوروبي وفضاء “شنغن” بالخصوص، كما قد تزعزع الثقة بين دول الاتحاد، فيما يمكن لتركيا “أن تشرب كأس النصر حتى الثمالى”.
واسترسل المحلل الروسي أن موافقة الاتحاد الأوروبي على الشروط التركية سيكون بمثابة “تلبية جل مطالب الرئيس التركي” في الوقت الذي ستحصل فيه القارة العجوز، حسب الخبراء، على وعود شرقية وصفها بـ “المنمقة”.
وقال المحلل السياسي أن المسؤولين الأوروبيين بموافقتهم على المسودة وشروط تركيا، قد يشجعون أردوغان على الاستمرار في “الابتزاز” مشيرا إلى أن ذلك لن يحل المشكل بل سيواصلون “صب الزيت في نيران بلاد الشام”، حسب قوله.
ومن جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي الألماني يورغن شتارك أن القارة العجوز باتت مهددة، أكثر من أي وقت مضى، بالانهيار والعجز جراء أزمتها الاقتصادية وايضا أزمة اللاجئين .
وفي مقال له نشر في صحيفة “Neue Zürcher Zeitung”، قال الخبير الاقتصادي أن تراكم أزمات التكتل الأوروبي وتعقدها ستنتج عنه أضرار جسيمة تهدد استقرار منطقة “شينغن” ككل.
واسترسل الخبير الألماني أن بلاده فقدت منذ مدة دورها القيادي داخل الاتحاد خاصة في الآونة الأخيرة، في وقت يفتقر فيه الأخير إلى خطة واضحة للخروج من عنق الأزمة.
هذا وأضاف شتارك أن عجز المسؤولين الأوروبيين عن تقديم خطة فعالة وواضحة المعالم لتجاوز الأزمة الاقتصادية وأزمة اللاجئين من شأنه أن يدفع الدول الأوروبية نحو فقدان السيطرة على زمام الأمور ويعجل بانهيارها.
وتبدي دول الاتحاد الأوروبي الكثير من المخاوف من انعكاسات ما يعرف بأزمة اللاجئين على المنطقة، خاصة وتدفقات هؤلاء المستمرة القادمة من اليونان عبر تركيا.
إقرأ أيضا:الناتو: روسيا ونظام الأسد يستخدمان اللاجئين لضرب الاتحاد الأوروبي