رفض قيادي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، علي بن حاج، تفسير فكرة “إعادة بناء التوافق الوطني” على أن السلطة تقف وراءها. ويعلن بن حاج تبنيه مقترح إشراك السلطة في التغيير، “لأن الحل السلس الذي نبحث عنه للأزمة السياسية، يستدعي مسايرة الواقع”.
ونفى بن حاج أخبارا تم تداولها حول “إقصاءه”من المشاركة في اللقاء الذي جرى بين قياديين من الفيس وقيادة حزب جبهة القوى الاشتراكية “الأفافاس”.
وذكر بن حاج لـجريدة”الخبر” الجزائرية أن كمال ڤمازي وعلي جدي وعبد القادر بوخمخم، الذين التقوا مسؤولي الأفافاس، الأسبوع الماضي، “اتصلوا بي بمجرد أن تمت دعوتهم للقاء، وطلبوا رأيي بخصوص ما يمكن أن يطرحه حزبنا بشأن مبادرة الأفافاس. وجرى الاتفاق على أن يتجه الإخوة الثلاثة إلى الأفافاس، ولم يكن مهما أن أكون أنا معهم لأننا لا نتعامل بالشخصانية في حزبنا، ومن تتبع مسارنا يعرف أنني لم أتواجد في أغلب الاجتماعات التي عقدها الحزب في بداياته مع أطراف من خارجه. ولذلك فالأخبار التي تناولت إقصائي المزعوم من لقاء الأفافاس، ليست صحيحة”.
وأفاد نائب رئيس الفيس المحل بأن رفاقه تفاعلوا مع الأفافاس حول عدة قضايا، أهمها إنشاء مجلس تأسيسي وإطلاق مرحلة انتقالية يشرف عليها رئيس ينتخب لعهدة واحدة فقط. وتتم هذه الخطوات، الهادفة إلى إحداث التغيير، حسب بن حاج، بمشاركة السلطة. وإن كان هذا الطرح يبدو غريبا بالنسبة لحزب وقيادة لم تهادن أبدا السلطة، يذكر بن حاج أن بيانات سابقة للحزب تضمنت هذا الطرح: “فنحن نعتقد أن إشراك النظام في مرافقة التغيير يجنَبنا الوقوع في حرب جديدة”. وتشكل هذه الأفكار حجر الزاوية في “الورقة البيضاء” التي دعا الأفافاس الأحزاب إلى تدوين مقترحاتهم فيها، بخصوص “إعادة بناء التوافق (أو الإجماع) الوطني”.
وأوضح بن حاج أن الفيس أول من طرح فكرة تنظيم رئاسيات مسبقة، وكان ذلك في ندوة مزافران التي عقدتها المعارضة في جوان الماضي. ويقول إن تنسيقية الانتقال الديمقراطي تبنتها ودعت إليها في وقت لاحق. وأضاف: “رأينا في الفيس أن الأزمة عميقة وهي سياسية بالأساس، والدليل على ذلك أن كل قطاعات النشاط تعرف احتجاجا وبشكل يومي، وهذا يعني أن الجزائر تسير من دون رئيس ومن دون خطة، وأن الدولة تتعامل حاليا بردود الفعل ولا تبادر بالأفعال”.
وفيما يرى قطاع واسع من المتتبعين أن مؤسسة الرئاسة تمارس نفوذا حصريا على السلطة، منذ التغييرات التي أجراها رئيس الجمهورية في الجيش في سبتمبر 2013، يقول بن حاج إن المؤسسة العسكرية “لازالت هي الحاكم الفعلي، لكن ممارسة الحكم فيها انتقل من جناح إلى جناح آخر. وحتى أكون دقيقا، أنا أعتقد أن بوتفليقة ارتكز على ڤايد صالح في الترشح ثم الفوز بعهدة رابعة. أما القول إن الجيش لم يعد له أثر في القرارات الكبرى، فهذا غير صحيح”.
وعن الجدل الذي يثار حول “غلبة” الجناح العسكري في الفيس على قادته السياسيين، أبدى بن حاج تحفظا في توجيه انتقاد لمدني مزراڤ، مسؤول جيش الإنقاذ المحل، ومع ذلك قال: “أدرك جيدا أن هناك أطرافا تسعى لتأسيس حزب بديل لجبهة الإنقاذ (..) وأؤكد أن الجبهة لم يكن لديها يوما ذراع مسلحة، لأننا اخترنا ممارسة السياسة، وإنما نشأ جناح عسكري كطارئ ولم يكن الأصل، والأسباب التي دفعت الذين حملوا السلاح معروفة. ولمن لم يتابع ظروف نشأة الفيس، أذكره بأن الكثير من الإخوة رفضوا الخوض معنا في السياسة قناعة منهم بأن هذا النظام لا يأت إلا بالقوة”.