الجزائر والسعودية ليستا على وفاق منذ فترة خصوصا بسبب الخلاف الكبير تجاه القضايا الإقليمية، بدءا من العلاقة مع إيران ونظام بشار الأسد، مرورا بامتعاظ الجزائريين من الدعم السعودي للمغرب في قضية الصحراء.
رغم ذلك، يواجه البلدان العربيان تحديا مشتركا يتمثل في انهيار أسعار النفط التي يعتمد اقتصادهما على عائداته.
وفي حين تختلف الإمكانيات المالية للبلدين، بيد أن الفرق بين الجزائر والسعودية يكمن أيضا في كيفية تدبير الأزمة الحالية التي سترخي بظلالها على اقتصاد البلدين في السنوات المقبلة.
وخصص موقع TSA الجزائري الناطق بالفرنسية مقالا يقارن فيه بين كيف اختارت السلطات في الجزائر ونظيرتها في السعودية مقاربة الأزمة النفطية، متحسرا على طريقة رد الفعل الجزائري التي لم تخرج في نظره عن منطق الارتجال.
واعتبرت الموقع الجزائري أن “الهوة بين البلدين شاسعة للغاية” سواء تعلق بالاستراتيجية الموضوعة لمواجهة الأزمة أو الموارد المرصودة لها.
وذكر الموقع كيف أنه مع بداية الأزمة البترولية في صيف 2014، كان المسؤولون الجزائريون يرفضون الإقرار بوجود أزمة أو الحديث عن صياغة استراتيجية لمواجهتها، حيث كانوا يأملون على ما يبدو في عودة الأمور إلى نصابها وعودة أسعار النفط إلى سابق عهدها.
وكان يجب انتظار نهاية غشت 2015 لرؤية تحول في الخطاب الرسمي الجزائري بخصوص القضية، حيث تبين أن الأزمة ستطول.
إقرأ أيضا: مسؤولون بحرينيون: زيارة الملك تاريخية وتفتح آفاقا جديدة
في هذه الأثناء، بدأت السعودية منذ 2014 في بلورة مخطط ضخم تبلغ كلفته 2000 مليار دولار من أجل تحرير اقتصاد البلاد من التبعية لعائدات المحروقات يشرف عليه شخصيا ولي ولي العهد ونجل خادم الحرمين، الأمير محمد بن سلمان، من خلال مجلس وطني أنشئ خصيصا لتدبير الاقتصاد السعودي في هذه المرحلة.
الارتجال مقابل التخطيط، هكذا يرى موقع TSA الفرق بين الجزائر والسعودية في التعاطي مع أزمة النفط. الإعلان عن “رؤية 2030” من طرف الجانب السعودي سبقها تحضير وراء الكواليس طيلة سنتين من دون أن يتسرب شيء إلى الصحافة. خلال هذه الفترة، أحاط الأمير محمد بن سلمان نفسه بالخبراء من أجل بلورة استراتيجية براغماتية.
وبكثير من الحسرة، استطرد الموقع الجزائري متحدثا عن “النموذج الاقتصادي الجديد” الذي أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال في مارس الماضي دون أن يقدم أي تفاصيل عن البرنامج بعد مرور أزيد من شهر عن الإفصاح عنه، حيث كان من المفترض أن يقدم في شهر أبريل الجاري.
بعد فترة من إنكار وجود الأزمة، تساءل الموقع أيضا حول كيف يمكن أن يكون شكل مخطط اقتصادي تتم صياغته في ظرف شهرين؟
اللجوء إلى الدين الخارجي هو أفضل ما طلعت به الحكومة الجزائرية على الرأي العام في البلاد كمخرج للأزمة الحالية، ومن أجل مواجهة العجز الكبير في ميزانية 2016 الذي يلوح في الأفق، بالرغم من أن الاستدانة الخارجية إجراء بديهي لا يمكن لحكومة سلال أن تهنئ نفسها عليه.
بالمقابل، نوه الموقع الجزائري بقرار السلطات السعودية التخلي عن 5% من رأسمالها في الشركة الوطنية النفطية “أرامكو”، وهو ما سيمكن من ضخ 2000 مليار دولار سيتم توظيفها في عملية تنويع الاقتصاد بغية تحقيق هدف “رؤية 2030” والتخلص من التبعية لعائدات النفط.
المخطط الذي قاده الأمير محمد بن سلمان لم يمر حسب TSA دون قيامه بالسباحة عكس التيار ومواجهة بعض التيارات المحافظة بالمملكة. في نفس الأثناء شملت الثورة التي أحدثها نجل خادم الحرمين وزارة الدفاع التي يشرف عليها من خلال وضع فريق خبراء للتأكد من سلامة صفقات السلاح التي تبرمها المملكة، رابع أكبر متزود في العالم.
ومن بين نقط التحول التي أشاد بها الموقع الجزائري أيضا، ما يرتبط بتغير التوجه السعودي في ما يخص دعم المواد الأساسية من خلال الزيادة 1000% في أثمنة استهلاك الماء و50% في أسعار المحروقات. لكن ذلك لا يمنع من كون المملكة ما تزال تلجأ إلى احتياطاتها من أجل تمويل نمط العيش الذي يفوق إمكانياتها، وهي نقطة تشترك فيها مع الجزائر، حسب الموقع.