خلفت دعوة وزارة الشؤون الدينية التونسية عن إقامة صلاة الاستسقاء، موجة من ردود الفعل المعارضة في صفوف المثقفين الليبراليين الذين وصفوا الدعوة بـ “ضرب من الشعوذة والدجل”.
وشكلت الدعوة التي وجهتها الوزارة الوصية من أجل إقامة صلاة الاستسقاء اليوم الأحد، بعد أن تأخر نزول الأمطار بالبلاد، موضوع نقاش وانتقاد شريحة عريضة من المثقفين التونسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفها البعض بـكونها “شعوذة” وبأن “الأمطار ستنزل بالصلاة أو بدونها”.
صلاة الاستسقاء.. سّطو أدبي على مجهود خبراء الطقس
وكانت سلوى الشرفي، الأستاذة الجامعية والمديرة السابقة لمعهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس أول من فجر النقاش الدائر حول صلاة الاستسقاء، حيث عبرت بسخرية عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” عن انتقادها للدعوة التي وجهتها وزارة الشؤون الدينية، واصفة ذلك بـ ” السّطو الأدبي على مجهود خبراء الطقس الذين يتوقَّعون نزول أمطار بدايةً من الغد ولمدة 3 أيام”.
وأضافت الشرفي أنه لا جدوى من إقامة صلاة الاستسقاء معللة ذلك بأن أهالي صفاقس أقاموا الصلاة منذ حوالي أسبوعين، لكن لم تنزل الأمطار، حسب قولها.
وإلى جانب الشرفي، عبر الإعلامي وأحد أعضاء حزب “نداء تونس” المؤسسين، الطاهر بن حسين أن الصلاة التي دعت إليها وزارة الشؤون الدينية مجرد “شعوذة”، معبرا عن استغرابه مما أسماه ” انخراط الدولة الممثلة بوزارة الشؤون الدينية في مثل هذه الأمور”.
ثورة عرجاء لم تنتج مثقفين حكماء
وفي المقابل، عبر عدد من رجال الدين في تونس عن استنكارهم من موقف هؤلاء المثقفين الليبراليين، حيث وصفوهم بـ “أشباه المثقفين الذين يسخرون من أمور تتعارض ولا تنسجم وإيديولوجياتهم”.
وأكد الباحث في الحضارة الإسلامية والإعلامي غفران حسايني أن مواقف هؤلاء المثقفين تعكس ما أسماها بـ “موجة الحداثة الرثّة” التي تقوم، حسب قوله “بصدم الشعوب والمجتمعات في مواضيع تعد من المسلمات العقائدية والثقافية عن طريق عملية انتقاء وسخرية من موروث ديني واجتماعي”.
وأضاف حسايني أنه من الأسف أن ينخرط مثقفون “في توظيف الثقافة نحو ابتزاز سياسي وشعبوي مقيت، وهو أكثر ما يهدد استقرار المجتمعات والسلم الأهلي”.
وفي نفس الإطار، استرسل حسايني قائلا “ثورتنا في تونس مع الأسف هي ثورة عرجاء لم تخلق نخبتها الثقافية المحايدة والحكيمة التي تلجأ لها النخب السياسية عندما تصل إلى نقطة عدم التوافق على غرار الثورة الفرنسية ومدرسة فرنكفورت التي كانت نخبها تدافع عن الثورة باعتبارها ثقافةً ووعياً لا صراعاً إيديولوجياً وسياسياً مقيتاً.”
وأكد حسايني أن صلاة الاستسقاء لا علاقة لها بالأرصاد الجوية ولا بتغيرات المناخ، وإنما هي مسألة عبادة ومحاولة تقرب من الله يستعين بها الإنسان عندما تتأخر الأمطار، الامر الذي يخالف ما يحاول المثقفون التونسيون الترويج له.
هذا وأضاف الباحث التونسي أن صلاة الاستسقاء التي دعت لها وزارة الشؤون الدينية “تقوِّض الفكر الخرافي القائم على ذبح القرابين للنجوم أو الجبال أو الآلهة في السماء وتجعل العلاقة بين الإنسان وربّه علاقةً مباشرة بعيداً عن علم التنجيم”.