جاءت الثورة التونسية، وبالرغم من الأمل الذي منحته للتونسيين في بناء نظام سياسي ديمقراطي أسوة بالدول المتقدمة، وفي طياتها مخاض عسير وصعوبات جمة لاقتصاد البلاد وخصوصا عماده المتمثل في القطاع السياحي.
الهجومان الإرهابيان في سوسة وباردو كان لهما وقع سيء جدا على السياحة التونسية بالرغم من محاولة الحكومة احتواء الوضع من خلال حملة تواصلية والقيام بمساع دبلوماسية لحث الدول الغربية على رفع تحذيرات السفر لمواطنيها بخصوص التنقل إلى تونس.
بعض المراقبين للشأن التونسي يؤكدون وجود خلل في تدبير هذه المرحلة الحساسة في تاريخ تونس ما بعد الثورة. فحزب “نداء تونس” الذي يقود السلطة اليوم بنى مشروعيته على انتقاد الأغلبية السابقة والترويج لكفاءة أطره في مقابل فشل الائتلاف السابق في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي واجهتها البلاد.
بيد أن الحزب الذي يحلو للبعض أن يطلق عليه اسم “فلول نظام بن علي” لا يبدو أنه بدوره ناجح في مهمته في قيادة البلاد بعيدا عن شبح التهديد الإرهابي والنمو الاقتصادي، فضلا عن الضجة التي خلقها من خلال مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي اعتبره البعض محاولة للتطبيع مع الفساد المالي، ناهيك عن التعثر الحاصل في الدفع بعجلة السياحة.
في مقال له بموقع “هافنغتون بوست” في نسخته الفرنسية انتقد الباحث في التواصل السياسي ياسين العياري تواصل الأزمة الذي قامت به الحكومة في أعقاب الهجوم الإرهابي على منتجع سياحي بمدينة سوسة.
العياري اعتبر أن السلطات التونسية بدت وكأنها “تشحذ” السياح من خلال دعوتهم لزيارة تونس لأن التونسيين بحاجة إلى ذلك، فالبلاد تعيش من موارد السياحة ومن دون سياح يكون الإرهابيون قد نجحوا في ضرب هذا القطاع الاقتصادي المهم في مقتل.
إقرأ أيضا: هجوم سوسة قد يكبد السياحة التونسية خسائر بمليار دينار
البحث عن “الحل السحري” من خلال إطلاق مشروع المصالحة الاقتصادية أو التوسل للسياح يحول الأنظار عن ما هو أهم، يقول العياري، وهو إجراء إصلاحات عميقة من أجل تقويم الإطار الإداري والقانوني والضريبي في تونس والذي لا يتلاءم في نظره مع فترة ما بعد الثورة.
لذلك يدعو الباحث التونسي إلى إصلاح الإطار القانوني والضريبي والإداري الذي يشجع في نظره على الريع ويحد من المبادرات الاستثمارية لعدد من المقاولين.
كما ينتقد الكاتب عدم تنويع العرض السياحي وغياب مشاريع كبرى من أجل تقوية البنية التحتية في البلاد من أجل تسهيل المبادلات.
ويرى ياسين العياري أن فشل الحملات التواصلية للحكومة من أجل إنقاذ السياحة يضع صناع القرار أمام مسؤوليتهم من أجل التفكير بجدية في القيام بإصلاحات عميقة من أجل تجنيب تونس الكارثة.