وضعت تفاعلات قضية “الجيش الإسلامي للإنقاذ” المنحل في الجزائر الرأي العام والمتتبع لما يدور في البلاد أمام حيرة من أمره بسبب ضبابية المشهد.
فالتنظيم المسلح سابقا اصطدم برفض محيط بوتفليقة لتحقيق رغبته في التحول إلى حزب سياسي على أنقاض “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” وهو ما أعلنت عنه جماعة الرئيس تباعا، بدءا من الوزير الأول عبد المالك سلال ثم مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى انتهاء بالرئيس نفسه، أو من يتحدث باسمه، من خلال الرسالة التي وجهها بمناسبة الذكرى العاشرة لميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
المعارضون لمشروع التنظيم المنحل الذي يقوده مدني مزراق يستشهدون بمقتضيات المصالحة التي تحظر العمل السياسي على من قام باستغلال الدين من أجل التسبب في المأساة الوطنية التي عرفتها الجزائر في سنوات التسعينات.
من جانبه يرد مزراق على الاتهامات بكونه هو ورفاقه أيديهم ملطخة بدماء الجزائريين بكونهم ضحايا بدورهم، فقد حرموا بداية من الوصول إلى السلطة بعد إلغاء نتائج الانتخابات وتعرضوا هم وذويهم للقمع ما اضطرهم لحمل السلاح ضد الدولة.
كما يرفع الأمير السابق للتنظيم المسلح راية العصيان في وجه أقطاب النظام وجزء من المجتمع الرافض لدخولهم الحياة السياسية متسلحا بالاتفاق الذي جمعه مع السلطة بعد إطلاق مشروع المصالحة الوطنية حيث التقى ممثل الرئيس في شخص زعيم المعارضة حاليا علي بن فليس والجيش بجهازيه رئاسة الأركان والمخابرات في شخص اللواء شريف فضيل واللواء اسماعيل العماري.
الاتفاق يسمح بعودتهم إلى السياسة وممارسة مختلف الحقوق المدنية من ترشح وانتخاب وتشكيل والانخراط في أحزاب سياسية.
مزراق أكد أن الطلب الذي تقدمت به السلطة كان ينص على التريث في الدخول الحياة السياسية سنة أو سنتين نظرا للظرفية السياسية حينها ومن أجل عدم نسف الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين.
القضية بتشعباتها دفعت باتجاه تحليلات تبدو اليوم متضاربة خصوصا وأنها سارت قبل أشهر قليلة إلى الاعتقاد بأن مزراق مدعوم من قبل محيط الرئيس، خصوصا وأن الرجل استقبل العام الماضي من قبل أويحيى، في إطار المشاورات حول تعديل الدستور حيث منحت له صفة الشخصية الوطنية وهو ما أثار حفيظة جزءا من الرأي العام.
التساهل الذي أبدته السلطة في ما بعد مع عقد قدماء “جيش الإنقاذ” لما أسموه جامعة صيفية العام الماضي بولاية جيجل وهذا العام بولاية مستغانم زكى أيضا هذا الاعتقاد، وهو ما دفع البعض إلى القول، حينما أعلن مزراق نية تنظيمه تشكيل حزب سياسي، بأن الرجل ورفاقه يتم تحضيرهم للعب دور في مرحلة ما بعد بوتفليقة التي يجري ترتيبها.
بيد أن التأكيدات المتوالية لمحيط الرئيس برفض المشروع السياسي لرفاق مزراق دفع هذا الأخير إلى تصعيد لهجته ضد بوتفليقة ومن يقفون وراءه والتهديد بالرد بقوة عليهم.
هذه التهديدات أضحت مؤشرا على أن التوتر بين رفاق مزراق والسلطات دخلت منعرجا خطيرا حيث اعتبر البعض أن أعضاء التنظيم أصبحوا يشكلون تحديا كبيرا أمام الدولة، خصوصا وأنها تزامنت مع تصريحات للجنرال حسين بن حديد تمت متابعته بشأنها مما يجعل التساؤل قائما إن كان مدني مزراق سيواجه مصيرا مشابها؟.
إقرأ أيضا: الجزائر: “جيش الإنقاذ” يرفع راية العصيان في وجه معارضيه
في حالة ما لم تتم متابعة أمير التنظيم المحل ستصبح مصداقية الدولة على المحك، يقول أحد المواقع الإخبارية، خصوصا وأنها طالت مؤسسة الرئاسة ولم تحرك معها العدالة ساكنا وهي التي تسارع إلى رد الفعل ضد الصحفيين ورجال السياسية المعارضين الذي لا يقومون سوى بالتعبير عن انتقادهم، تضيف صحيفة أخرى.
موقع آخر اعتبر أن مزراق يتصرف بعقلية الرجل الذي ما يزال متحصنا في الجبال ويحمل السلاح ضد الدولة مضيفا أن أمير “جيش الإنقاذ” أقدم على انحراف خطير من خلال دعوته إلى العنف، وهي دعوته يقابل صمت يدعو إلى الاستغراب من قبل السلطات الجزائرية.
نفس التساؤلات تكررت على لسان أكثر من منبر إعلامي دعا في نفس الوقت السلطات إلى الخروج عن صمتها وتفسير لماذا تتعامل في نظرهم بسياسة الكيل بمكيالين في قضيتي بن حديد ومزراق؟.