خلف التقرير الأسود الذي أعدته وزارة المالية الجزائرية بخصوص الوضع الاقتصاد، جدلا كبيرا في البلاد، حيث كشفت أرقام الوزارة عن تناقض خطابات التطمين التي واظبت حكومة عبد المالك سلال على إطلاقها في محاولة لتجنب سيناريوهات قد تكون آثارها وخيمة.
ولعل المعطيات الأخيرة التي كشف عنها تقرير وزارة بن خالفة قبل يومين، جاءت لتؤكد الاتهامات التي وجهها مدير ديوان الرئاسة والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، إلى الحكومة الجزائرية يوم الخميس المنصرم عندما أكد أنها تمارس” الشعبوية والديماغوجية” في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية.
وفي كلمة ألقاها أمام مؤتمر الحزب، قال أويحيى أن حكومة عبد المالك سلال تواصل التعامل مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعرفها الجزائر منذ أشهر بـ “شعبوية وديماغوجية”، خاصة وأن الوزير الأول اعتاد التقليل من خطورة الوضع والتأكيد على أن الاقتصاد الوطني مستقل عن قطاع المحروقات.
وكانت الأرقام التي جاء بها تقرير الوزارة الوصية بمثابة تأكيد صريح على تأزم الأزمة، خاصة وأن جل المؤشرات الاقتصادية تجاوزت الخطوط الحمراء في وقت تواصل فيه الحكومة تبني سياسة “اليد المبسوطة” في النفقات رغم الإجراءات التقشفية التي سنتها قبل أشهر في محاولة لاحتواء الأزمة وتداعياتها على الوضع الاجتماعي.
تصريحات أويحيى وتقرير وزارة المالية ينضافان إلى قائمة من التقارير والتوصيات الدولية التي وجهت إلى الجزائر خلال الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها تقرير صندوق البنك الدولي الذي دعا الحكومة إلى “شد الحزام” وترشيد النفقات خاصة في ظل استمرار انهيار أسعار النفط الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد الجزائري.
وبالرغم من توجه البلاد نحو القرض السندي، وهو عبارة عن استدانة داخلية من المواطنين، إلا أن الحكومة الجزائرية تبقى بعيدة عن تحقيق مكاسب من خلال هذا الخيار، ما يجعل طرق باب الاستدانة الخارجية مجددا أمرا غير مستبعد في الظرفية الراهنة.
ولعل تراجع مداخيل البلاد بنسبة 70 بالمائة، واستمرار النزيف الذي تعرفه خزينتها العمومية، علاوة على تضخم العجز الاقتصادي، أصبحت تشير إلى دخول الجزائر دائرة الخانة الحمراء.