لوحظ صباح اليوم الثلاثاء، في مقر حزب العدالة والتنمية،بحي الليمون،بمدينة الرباط، غياب حميد شباط،الأمين العام لحزب الاستقلال عن مشاورات الحكومة التي دشنها الدكتور سعد الدين العثماني،الرئيس المكلف.
وبدلا من شباط،حضر وفد من حزب الاستقلال،يتكون من حمدي ولد الرشيد، الرجل القوي في الصحراء المغربية،ومحمد السوسي،المدير العام لمركز الحزب، وبوعمر تغوان،القيادي والوزير السابق.
وفي الوقت الذي سارع فيه الموقع الالكتروني لحزب العدالة والتنمية إلى نشر خبر هذا اللقاء،وإبراز رغبة حزب الاستقلال،على لسان السوسي في أن يكون ضمن الأغلبية الحكومية المقبلة،تباطأ موقع حزب “الميزان” في التطرق إلى الموضوع،رغم مرور ساعات كانت كافية لبثه في حينه.
ورغم ما قيل من أن هذا الوفد شارك في المشاورات بتفويض من شباط،فقد كان غيابه محل تساؤلات العديد من الصحافيين الذين سجلوا أنه ليس من عادته أبدا أن يتخلف عن حضور موعد سياسي في مثل هذا الحجم،في حين ذهبت بعض التكهنات إلى حد القول، إنها بداية النهاية لزعيم خلق حوله الكثير من الجدل،منذ انتخابه على رأس الأمانة العامة لحزب “الميزان”.
والواقع،حسب بعض المتتبعين، أن شباط لم يعد مرغوبا فيه منذ مدة،وبالضبط منذ أن ظهر عزيز أخنوش،على الساحة السياسية،كرئيس للتجمع الوطني للأحرار،الذي اشترط على عبد الإله بنكيران،رئيس الحكومة المكلف سابقا،عدم إشراك حزب الاستقلال، وهو الأمر الذي كان مثار استغراب واندهاش الجميع.
وعزا البعض هذا الموقف إلى التصريح المنسوب إلى كبير الاستقلاليين،والذي مفاده أن لقاءا جمعه مع بعض قادة الأطراف السياسية،ومنها الاتحاد الاشتراكي،والأصالة والمعاصرة،غداة الإعلان عن نتائج الاستحقاقات التشريعية،وكان هدفه الانقلاب عليها،قبل أن تصدر ردود فعل من الجهات المعنية، تكذب الخبر جملة وتفصيلا.
ومما زاد من متاعب شباط،خوضه في مسائل تاريخية حول موريتانيا،بشكل كان يمكن ان تكون له تداعيات خطيرة،لولا تدخل الدولة على أعلى مستوى،لاحتوائها،في ظرف جد حساس،كان فيه المغرب يبذل جهودا حثيثة من أجل استرجاع مقعده في البيت الإفريقي.
ويبدو من خلال تسلسل الأحداث المتلاحقة،وضمنها حكاية واد الشراط،المنشورة على الموقع الاليكتروني للحزب،أن شباط وجد نفسه تبعا لذلك،وسط زوبعة، قد تعصف بمستقبله السياسي،لاسيما بعد أن دخل في صراعات حادة مع قياديين في الحزب،كانوا حتى الأمس القريب،مقربين منه،مثل توفيق احجيرة،رئيس المجلس الوطني،وكريم غلاب،رئيس مجلس النواب سابقا،وياسيمنة بادو،وزيرة الصحة سابقا.
وفي سياق هذا المسلسل،بدا جليا أن عادل بنحمزة،الناطق الرسمي باسم الحزب،شرع هو الآخر تدريجيا في خلق مسافة بينه وبين زعيمه،تحسبا لما تحمله الأيام القادمة من تطورات، في أفق انعقاد المؤتمر الوطني المقبل،خاصة بعد أن عبر نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي،مؤخرا، عن نيته الترشح للأمانة العامة لحزب الاستقلال.
وعلم فيما بعد، أن بنحمزة قد تراجع عن طلب إعفائه من مهمة الناطق الرسمي باسم الحزب،بعد أن دعاه شباط إلى الاجتماع به،في مقر الحزب، وأقنعه بمواصلة عمله، مع التنويه بالمجهودات التي يقوم بها في سبيل إبلاغ الخطاب السياسي إلى الرأي الوطني العام.
وقد جاء غياب شباط اليوم عن مشاورات الحكومة،ليؤكد التكهنات، التي تنبيء باقتراب اسدال الستار على الحياة السياسية لشباط،ليكون، ربما، هو ثاني زعيم سياسي هذا العام،قد انتهى عمره الافتراضي،بعد عبد الإله بنكيران،الأمين العام لحزب العدالة والتنمية،رئيس الحكومة المكلف سابقا..