بعد إعفاء الملك محمد السادس، أمس الأربعاء، لعبد الإله بنكيران، من مهمة تشكيل الحكومة، عقب مرور أكثر من خمسة أشهر على تكليفه بذلك، دون أن يلوح في الأفق ما يؤشر بميلادها، بدأت التساؤلات والتكهنات تتناثر هنا وهناك حول المستقبل السياسي لزعيم حزب شغل الرأي العام بشعبويته وقراراته، وتصرفاته التي قد تكون احيانا خارجة عن المألوف من طرف رجل يمثل الدولة.
الكل متفق على أن الملك تصرف وفق الصلاحيات التي يتيحها له الدستور، منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية لسابع أكتوبر الماضي، في احترام تام للمنهجية الديمقراطية، إلى حين اتخاذ قرار الإعفاء، كاختيار “من ضمن كل الاختيارات المتاحة”، حسب بلاغ الديوان الملكي.
ثلاثة أسماء أساسية تتصدر قيادة حزب “المصباح”، بدأ يجري تداولها على نطاق واسع، باعتبارها الأقرب والأكثر حظا لتكون الشخصية المكلفة بتشكيل الحكومة، وعلى رأسها سعد الدين العثماني، رئيس الفريق البرلماني، ورئيس المجلس الوطني للحزب، ووزير الخارجية السابق، ومصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، وعضو الأمانة العامة، وعبد العزيز الرباح، القيادي ووزير النقل والتجهيز، الذي طالما تحدثت الأخبار عن تطلعه لخلافة بنكيران على رأس الحزب.
وباستثناء تصريح لوكالة “رويترز” منسوب لعبد الإله بنكيران،لاأحد يعرف حتى اللحظة، رد فعل حزب العدالة والتنمية رسميا، وذلك في انتظار انتهاء اجتماع أمانته العامة، اليوم الخميس، وهي أعلى هيئة تقريرية، والتي من المفروض أن تصدر قرارها في الموضوع.
قبل أيام قليلة، نشر الموقع الاليكتروني لحزب “المصباح” مقالا تحت عنوان” هل أصبحت نهاية بنكيران وشيكة؟ “استبعد فيه كاتبه كل السيناريوهات المحتملة، ليخلص في الأخير، إلى أن السؤال خاطيء من الأساس.
ومنذ توليه مقاليد الأمور في تدبير الشأن العام،من خلال تسيير الحكومة الأخيرة،ظل بنكيران موضع جدل ونقاش في مختلف الأوساط السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال بعض تصرفاته كرجل صدامي منفعل، خاصة في مواجهته للاسئلة المحملة بالانتقادات تحت قبة البرلمان.
ومن المآخذ المسجلة على بنكيران من طرف خصومه السياسيين والنقابيين وممثلي المجتمع المدني، وصفه للمرأة بـ”الثريا” كدعوة لها بالبقاء في البيت، واستهانته بالحوار الاجتماعي، وطريقة معالجته لملف التقاعد، والتقليص من نفقات المقاصة، على حساب المستهلكين، الذين طالما رفعوا الصوت بالشكوى من غلاء الأسعار.
مقابل ذلك، انبرى بنكيران في العديد من المناسبات للدفاع عن قراراته، تحت مبرر أنها تخدم المصلحة العامة للبلاد.
الباحث والمحلل ادريس الكنبوري، أوضح أنه توقع منذ اليوم الأول “أن الفصل 42 من الدستور سيكون هو المرجع في حالة فشل رئيس الحكومة المعين في تشكيل اغلبيته وليس الفصل 47″، مضيفا في تدوينة له على الفايسبوك: “قلت هذا يوم الاقتراع في برنامج خاص بقناة “الحرة”. قلت إن هناك خيارين أمام الملك بوصفه الضامن لسير المؤسسات. أما شخص ثان من حزب العدالة والتنمية، أو الحزب الثاني، وهو الأصالة والمعاصرة. بلاغ الديوان الملكي ترك جميع الخيارات مفتوحة”.
أما الإعلامي احمد إفزارن، وفي تعليق له على مستجد إعفاء بنكيران، فقد قال :”الملك أنقذ البلاد من كارثة، “سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية”، تسببت فيها حكومة لامسؤولة، وأضاء الأمل في إصلاح ما أفسده عابثون،هذا يوم جديد”، على حد تعبيره.