أياما فقط، بعد أن فشلت دعوات الإضراب والاحتجاج على الغلاء في دفع الجزائريين إلى النزول إلى الشارع، وإشاعة فوضى عارمة كفيلة بدفع الجيش للتدخل المباشر لقمعها، مع إلصاق هذه الدعوات “بأطراف خارجية” في تلميح مباشر ألى الجار المغربي، ها هي نفس الأطراف تعيد الكرة مرة أخرى، من بوابة أتباع جبهة الإنقاذ المحظورة، عبر إصدار تعليمات مباشرة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تكفل بتوقيعها مدير ديوانه أحمد أويحيى، تقضي بمنع الشيخ علي بلحاج، من مغادرة العاصمة الجزائر، وتشديد منعه من الصلاة في غير المسجد الذي يقيم بجواره (مسجد البدر)، مع استمرار منعه من الخطابة في الناس.
الخطوة الجديدة، وإن بدت كردة فعل على الانتقادات التي ما فتئ بلحاج يوجهها للسلطة في بلاده، وهي التي تصنف عادة تحت بند “التحريض”، وكإستمرار للحظر المفروض على بلحاج منذ خروجه من السجن، والذي كان الأخير “يتحايل” عليه بتناول الكلمة في المناسبات الاجتماعية التي يحضرها لدى أتباع الجبهة المحظورة في مختلف ولايات الجزائر، إلا أن توقيتها يشير بوضوح إلى الأهداف التي دفعت معسكر الرئاسة إلى إصدارها بهذا الشكل المستفز، والمخالف صراحة للقانون، على اعتبار أن حق التنقل مكفول للجزائريين داخل الوطن، ما لم يكن مستندا إلى حكم قضائي. أهداف تتمثل في محاولة استثارة الشيخ وأتباعه الكثر، ودفعهم إلى التحرك بطريقة غاضبة، على أمل أن تشعل تحركاتهم الشرارة التي تنزل الجزائريين للشارع، بعد أن فشلت شرارة الغلاء في إشعال هذا الشارع، باستثناء ما شوهد في أربعة مدن ذات أغلبية قبايلية!!
ردة فعل بلحاج وأتباعه لم تتضح بعد، حيث أن خروج الوثيقة للعلن، والمصنفة تحت بند “سري”! لم يتم سوى بداية الأسبوع الحالي، ويتوقع أن لا تنجح بدورها في ترك أثر كبير، مع الاستمرار المتوقع لنائب رئيس جبهة الإنقاذ المحظورة في إيجاد وسائل للتحايل على منعه من إيصال صوته وتعليقاته على الأحداث المختلفة التي تعيشها الجزائر بوسائل أخرى، ناهيك عن الصعوبة النظرية لتحريك شارع مثقل بالهموم، ويراقب ما يجري من صراعات بين أجنحة السلطة المختلفة، ناهيك عن انشغاله هذه الأيام بمتابعة مشوار الخضر في كأس أمم إفريقيا في الغابون. فهل تكون هذه آخر المحاولات لإشاعة الفوضى في الشارع، أم أن هناك المزيد الذي لم يجرب بعد؟ وهل ستلصق الاحتجاجات، إن حدثت، هذه المرة أيضا بأطراف خارجية كعادة الحكومة والمسؤولين الجزائريين؟ سؤال ستجيب عليه مقبل الأيام.