رفقة وفد رفيع المستوى، حل الملك محمد السادس مساء أمس الخميس، بمدينة أبوجا النيجيرية، التي تعد ثالث محطة في جولته الإفريقية والتي انطلقت من إثيوبيا. جولة أزعجت الجارة الجزائر إلى درجة جعلتها مؤخرا تناور بطرق غير مشروعة ومفضوحة لمنع رجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وهو ما ترجمته رئيسة المفوضية الإفريقية، الجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما، عندما طالبت المغرب بالاعتراف بأعضاء الاتحاد الحاليين، بما فيهم البوليساريو، والإقرار بالحدود الموروثة عن الاستعمار، في تجاوب مع مطالب الجزائر.
“جولات الملك محمد السادس في عدد من الدول الإفريقية هو انتصار دبلوماسي لقضية الصحراء المغربية، وتمهيد لعودة المغرب المنتظرة للاتحاد الإفريقي”. يقول الدكتور محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية في تصريح لـ مشاهد24 ثم يردف قائلا: “ما يجعل الجولات الأخيرة التي يقوم بها الملك محمد السادس أكثر إزعاجا لخصومنا وخصوم وحدتنا الترابية، هي أن العاهل المغربي قام بزيارة دول كانت تُبدي في السابق عطفا منقطع النظير لجمهورية الوهم وصديقة للجزائر، فالمملكة فطنت إلى أن زيارة هذه الدول وفي مقدمتها إثيوبيا ونيجيريا وتانزانيا.. سيكون ربحا لها وستفرض من خلالها المملكة سياسة واقعية أمام هذه الدول وغيرها”.
وفي اعتقاد زين الدين، فإن زيارة الملك محمد السادس لنيجيريا البلد القوي اقتصاديا ودبلوماسيا والذي كان بدوره متعاطفا مع البوليساريو، تعد (الزيارة) ضربة معلم، نابعة من الرؤية الملكية لتطوير إفريقيا وهو مطلب كافة زعماء هذه القارة، المنبني على أساس منطق رابح – رابح.
وأبرز المتحدث، أن جولة الملك محمد السادس “جعلت العديد من الأطراف المناوئة للمغرب تخرج بقرارت مخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية، وهو ما تجسد في مناورات رئيسة المفوضية الإفريقية، الجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما، التي فرضت مجموعة من الشروط غير قانونية على المغرب للرجوع إلى حضنه الإفريقي”.
وأوضح زين الدين، أن زوما “خرقت القانون بشكل بشع عندما لم تقم بتوزيع طلب عضوية المغرب في الاتحاد الافريقي على باقي دول الأعضاء، وقررت الاحتفاظ به في رفوفها، رغم أن التقارير الإعلامية تتحدث عن تأييد 35 دولة برجوع المغرب إلى عائلته الإفريقية، فيما أن النصاب القانوني لا يتعدى 28 دولة”.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن تحركات العاهل المغربي “كانت فجائية وجاءت بعد أن استوعب المغرب أن منطق الكرسي الفارغ بات أمرا غير مستحبا ولا يجدي بالنفع، والاتحاد الإفريقي بدوره لا يتصور نفسه الآن بدون المغرب، وهو الشيء الذي يزعج الجزائر، والتي جن جنونها بتحركات الدبلوماسية المغربية”.
ودعا المتحدث الجارة الجزائر إلى العودة إلى الحكمة والتبصر في قراراتها، “لأن ما يجري عند جيراننا بالداخل خطير ولا يخدم مصالحها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، والاحتقان الاجتماعي الكبير”. معتبرا، “أن سياسة شد الحبل والحرب الباردة لم تعد تجدي نفعا وولى عليها الدهر، داعيا إلى تغيير عقلية الجيل الحاكم”.
وتحدث زين الدين، أن توجه المغرب نحو دول شرق إفريقيا التي تتميز ببعدها الجغرافي والثقافي، وخاصة أنها مستعمرات إنجليزية سابقة، “يدخل في إطار نشر الثقافية الدينية الوسطية التي يمثلها المذهب المالكي، والذي يواجه انتشار الفكر المتطرف الموجود بالتنظيمات الإرهابية النشيطة في مناطق إفريقية”.
ويرى الخبير أن “التوجه الديني المغربي، لا يمكن الحديث عنه بمعزل عن معطيات أخرى اقتصادية وسياسية وأمنية، تصب جميعها في مقاربة متكاملة لاختراق المجال الإفريقي”.