إلى أين يتجه بنكيران؟ سؤال بات يتردد بكثرة هذه الأيام،على ألسنة الكثيرين في الأوساط السياسية، بعد أن أصبح يدور في حلقة مفرغة، ويبدو عاجزا عن القيام بالمهمة المسندة إليه من طرف الملك محمد السادس، لتشكيل الحكومة الجديدة.
صحيح أن المسألة ليست سهلة،لكن تدبير مشاورات تشكيل الأغلبية الحكومية الجديدة من طرف بنكيران، ربما يقتضي منه التحلي بالكثير من الكياسة والمرونة وعدم الكشف عما يجري داخلها من وجهات نظر مختلفة، ربما تسفر، في حالة خروجها إلى العلن، عبر وسائل الإعلام، عن تأزم الوضع والدفع به نحو مزيد من التعقيد و”البلوكاج” بدل الانفراج.
إن دور بنكيران أساسا، في نظر البعض، هو السعي لتقريب وجهات النظر والرؤى بين مختلف الأطراف السياسية،لبناء عنصر التوافق فيما بينها، وليس إطلاق التصريحات النارية في خرجات إعلامية مثيرة، غير محسوبة العواقب، والتي عادت عليه سلبا، وجعلته يحول بيته إلى حائط مبكى يشكو من خلاله لأعضاء شبيبة حزبه، عند استقباله لهم مؤخرا، سوء حاله ومحنته، جراء الصراع السياسي الملتهب، الذي أشعل هو نفسه شرارته الأولى، وقعد يندب سوء حظه !
وفي خضم التفاعلات الناتجة عن المأزق التي توجد فيه المشاورات حاليا بشأن تشكيل الحكومة، تتعالى بين الحين والآخر،أصوات من قلب المشهد السياسي،وأحيانا من وسط الحزب المتصدر لنتائج استحقاق 7 أكتوبر،تدعو إلى العودة لصناديق الاقتراع،مثلما عبر عن ذلك لموقع “مشاهد24” بصريح العبارة،عبد العزيز أفتاتي،القيادي بحزب العدالة والتنمية،متوقعا أن يستعيد تنظيمه الحزبي الصدارة من جديد، ولربما “يحقق فوزا كاسحا أكبر من ذاك الذي حققه في الـ7 أكتوبر شرط أن تكون الانتخابات أكثر نزاهة” على حد قوله.
للمزيد من التفاصيل:أفتاتي لـ مشاهد24: بنكيران فشل في تشكيل حكومته والحل هو الانتخابات
لكن التوجه من جديد نحو الكتلة الناخبة،يرى فيه بعض المتتبعين،أنه مكلف بالنسبة للمغرب على أكثر من صعيد،ويمكن أن يتسبب في المزيد من التأخير في استئناف مباشرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي انخرط فيها منذ مدة.
والواقع أن إعادة الانتخابات سوف تضيع الكثير من الفرص،وتستهلك المزيد من الوقت، ومن الإمكانيات المادية التي تتطلبها الحملات الانتخابية، إعلاميا وميدانيا، وقد تطيل عمر الجمود الذي يطبع حاليا سير العديد من المؤسسات ذات الارتباط الوثيق بمصالح المواطنين.
كما أن الرجوع إلى الاستشارة الشعبية للناخبين من شأنه أن يعطي صورة عن البلد في الخارج،وكأنه غير مستقر سياسيا،إذا خرج عن المنهجية الديمقراطيةالتي تحتم عليه الاستجابة لمقتضيات الاختيار الشعبي المتجسد في إفرازات الاستحقاقات التشريعية الأخيرة.
وقد يؤدي الاحتكام إلى صناديق الاقتراع مجددا، حسب التخمينات والتكهنات لدى بعض المحللين السياسيين، وضمنهم عبد الله أبو عوض، أستاذ باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إلى نفس النتائج، المعلنة يوم سابع أكتوبر، ولذلك وحسب تصريح منسوب له، في يومية”المساء”، فإن ” الخيار المجدي في ظل الظروف الحالية هو البحث عن وسائل التوافقات بين الأحزاب،لأن التحديات الإقليمية والدولية، تفرض نفسها بقوة، ولا يمكن إغفالها”.
نفس المتحدث أكد “أن المغرب يعرف سياسة التعمق جنوب ـ جنوب، وهذه السياسة تلزم التسريع في سد كل الفراغات السياسية، التي يمكن أن تستنزفه”.
وربما،واعتبارا لكل هذه المعطيات، وغيرها، استبعد امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية،أن يكون هناك أي اتجاه نحو خيار الانتخابات،علما أن العنصر نفسه، الذي شارك حزبه في الحكومة الأخيرة، يعتبره البعض أنه يشكل بدوره أحد عناصر الأزمة،بدل أن يكون جزءا من الحل،بسبب تأرجح مواقفه بين المشاركة في الحكومة، أو الاصطفاف في المعارضة، داعيا إلى إحياء كيان سياسي شبع موتا، هو “الوفاق”.
لكن السؤال الأساسي هو:ما رد فعل بنكيران إزاء التجاذبات السياسية الحاصلة حاليا؟ الجواب مؤسف ومؤلم للغاية،إنه بدل أن يتحمل مسؤوليته كاملة،ويواجه الموقف بالمزيد من اتساع الصدر في المفاوضات، والتسلح بطول النفس،فضل الانزواء والاعتكاف في بيته في حي الليمون بالرباط، بعد مضي أكثر من أربعين يوما على تكليفه بمهمة تكوين الحكومة.