قام مواطنون جزائريون في بلدة عين مليلة في الشرق الجزائري برفع دعاوى قضائية على كل من شركة “اتصالات الجزائر” و “الشركة الوطنية لتوزيع الكهرباء والغاز” بسبب كتابتها لفواتير الاستهلاك باللغة الفرنسية. واعتبر المواطنون في دعاواهم القضائية أن هذا الأمر الذي اعتادت على ممارسته هذه الشركات منذ عقود، هو “مخالفة دستورية واضحة” لاسيما لنص المادتين الثالثة والرابعة من الدستور الجزائري الذي يحصر اللغتين الرسميتين للبلاد في العربية والأمازيغية، وأن الدستور لم يشر في أي من مواده وأحكامه إلى إمكانية تحرير هذه الوثائق باللغة الفرنسية لا من قريب أو بعيد.
وطالب المواطنون القضاء الجزائري بإجبار الشركتين على تحرير وثائقها بلغات البلاد الرسمية، والتوقف عن استخدام اللغة الفرنسية في تحرير هذه الوثائق، وأن يدفع لهم دينار جزائري واحد كتعويض رمزي عن “الضرر الذي لحق بهم جراء تعامل الشركات المذكورة معهم كزبناء، بلغة ليسوا ملزمين قانونا بفهمها أو التعامل بها، واضطرارهم في كل مرة إلى طلب توضيحات وترجمة لمحتوى الفواتير وتفاصيل الأتوات والضرائب المضمنة بها، وتعرضهم إثر ذلك للإهانة في كل مرة”.
وتعكس الدعاوى المرفوعة، والتي قبلتها المحاكم شكلا في انتظار البت فيها موضوعا، ازدياد الحالة الجماهيرية الرافضة لاستخدام اللغة الفرنسية الطاغي في مختلف مناحي الحياة الجزائرية، على حساب لغات البلاد الوطنية: العربية والأمازيغية، وهو ما يعكس تجذر النفوذ الفرنسي في الجزائر، على حساب مشاعر غالبية المواطنين. حالة تعبر عن نفسها بوضوح عبر الرفض الذي تواجه به قرارات وسياسات وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط التي تتهم على نطاق واسع “بمعاداتها للغة العربية ووقوفها ضد الشعور والهوية الوطنيين” على حد تعبير معارضيها.
وكانت آخر مظاهر هذا الحراك الذي يلقى استحسانا متزايدا في وسائل التواصل الاجتماعي، ما تردد عن قيام الجيش بإزالة اللغة الفرنسية من واجهات مقراته واستبدالها باللغة النجليزية كلغة أجنبية، ناهيك عن التوسع في وقف استخدامها في مختلف أعماله الداخلية، وهو ما إن صح فسيكون بداية لقطيعة داخل واحدة من أقوى مؤسسات الدولة والتي لطالما اعتبرت أحد قلاع فرنسا القوية في هذه المستعمرة السابقة.