تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي مقربون من الدوائر المتنفذة في الجيش الجزائري، تسريبات مفادها أن اللواء عثمان طرطاق يستعد لمغادرة منصبه بعد أن صدر قرار بتنحيته، في انتظار الإعلان الرسمي عن ذلك.
طرطاق الذي حل في سبتمبر الماضي مكان رجل الدي أر أس القوي الفريق محمد مدين (توفيق)، كان واحدا من معاوني هذا الأخير، وأثار تعيينه الكثير من الشكوك حول “عملية التطهير” المفترضة التي يقوم بها الجيش الوطني، وقوّى حجة القائلين باستمرار النفوذ الذي لا زال يمتلكه محيط الرئيس بوتفليقة بقيادة شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، بعد أن بدا واضحا للجميع عجز الرئيس عن ممارسة مهامه. في مقابل تأكيد المؤمنين “بالحراك الوطني داخل الجيش”، بأن تعيين طرطاق هو مؤقت، تمت الموافقة عليه بعد أن جرّد الجهاز من معظم مهامه الحساسة، التي ألحقت مباشرة بمصالح الجيش المركزية، وأن القبول به مندوبا عن جناح الرئاسة في السلطة الجزائرية ما هو إلا كسب للوقت في مواجهة القوى الخارجية الداعمة للرئيس، لاسيما فرنسا والولايات المتحدة، لتطمينها على استمرار تعاون المخابرات الجزائرية مع نظيرتها في البلدين، في سياق “حربهما على الإرهاب”، عبر تعيين أحد رجالاتهما خلفا للرجل القوي الفريق توفيق.
إقالة طرطاق في حال ثبتت وأعلن عنها، ستعطي أكثر من دلالة:
- إنهاء المخابرات العسكرية رسميا كجناح ثالث في السلطة الجزائرية، وإلحاقها نهائيا بالمؤسسة العسكرية الجزائرية، لاسيما مع التعيين المنتظر لأحد جنرالات الجيش الذي لم يتورط كباقي ضباط الدي أر أس بمذابح العشرية السوداء، أو التعذيب الذي طال الألاف من أبناء الشعب الجزائري.
- تجاوز الجيش الجزائري للمرحلة التي كان محتاجا فيها لتحييد العامل الخارجي، واكتسابه ما يكفي من قوة تجعله يتخذ ما يشاء من قرارات دون الحاجة للنظر خارج الحدود.
- دنو أجل المواجهة التي ستقع لا محالة بين جناحي السلطة: الجيش في مواجهة الرئاسة، “انسجاما مع كون الجيش يعبر عن أجندة وطنية، مقابل اعتبار الرئاسة ممثلا للنفوذ الفرنسي في البلاد”، على حد تعبير القوى المؤمنة بحملة التطهير التي تجري في الجيش منذ صيف العام الماضي.
- ازدياد الاحتمال بأن تكون إقالة اللواء طرطاق هي مقدمة لإقالات مماثلة لعناصر في المؤسسة العسكرية والأمنية، لاسيما الموالية لجناح الرئاسة والمعبرة عن النفوذ الفرنسي، وليس خاتمة لها. وهنا يوجد اسم مدير الأمن العام، الرجل القوي اللواء عبد الغني الهامل، على رأس القائمة، والذي سيجعل الرئاسة عارية في مواجهة الجيش، ناهيك عن بعض الجنرالات الذين يرأسون عددا من النواحي العسكرية ويشغلون مناصب متفرقة، رغم تجاوزهم سن التقاعد منذ أمد بعيد.
ويبقى التساؤل الآن، حول توقيت معركة الحسم. بمعنى: هل يتبع الجيش في مواجهة الرئاسة نفس الأسلوب الذي اتبعه في مواجهة المخابرات، أي أسلوب “قصقصة الأجنحة”، وسحب الصلاحيات التدريجي، وإقالة الأعوان المتدرج، قبل أن يسقط النفوذ الفرنسي بمجرد وفاة بوتفليقة، أم أن الجيش يمكنه اللجوء إلى أسلوب “الضربة الاستباقية”، فيعلن شغور منصب الرئيس، ويفتح معركة تطهير المحيط الرئاسي دون مقدمات؟؟ الأكيد، أن لكل خيار حسناته وسيئاته. لكن وضع “خرجة” زعيم حزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني في إطارها الصحيح، وربطها بالإقالة المفاجئة للواء طرطاق، يمكنه أن يعطي لقراءة الأحداث معنى آخر تماما. وإن غدا لناظره قريب!