الرئيسية / إضاءات / هل يمهد “اتفاق قرطاج” لبداية خروج تونس من أزمتها ؟
اتفاق قرطاج
الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي مع الموقعين على "اتفاق قرطاج"

هل يمهد “اتفاق قرطاج” لبداية خروج تونس من أزمتها ؟

عندما يتعلق الأمر بالتوافق، يبدو التونسيون الأقرب إلى تحقيقه من غيرهم في الدول العربية، سواء تلك التي شهدت “ربيعا” أم لا. في هذا الإطار يبدو “اتفاق قرطاج” الذي وقع يوم أمس الأربعاء بالقصر الرئاسي، وهو وثيقة ترسم أولويات حكومة الوحدة الوطنية التي دعا الرئيس الباجي قايد السبسي، بمثابة إنجاز جديد يحسب للنخبة السياسية والمدنية في تونس ما بعد الثورة.

الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية كما هو معروف كان بمثابة جرس إنذار من الرئيس السبسي بضرورة التحرك لإخراج تونس من أزمتها، ما يعني تشكيل حكومة تضم مختلف الحساسيات السياسية لأن اللحظة الحالية تفرض الاجتماع حول أهداف وأولويات موحدة كي لا يغرق المركب بالجميع.

لذلك، يبدو التوصل إلى “اتفاق قرطاج” بعد ستة أسابيع من إطلاق الرئيس السبسي لمبادرته بمثابة دليل آخر على قدرة التونسيين على الاجتماع على طاولة الحوار، والخروج باتفاق يضم على الأقل غالبية الطيف السياسي وهيئات ومنظمات أخرى غير سياسية لكن لها وزنها في المجتمع.

وكما حدث مع جولات الحوار الوطني التي قادها الرباعي المتوج بجائزة نوبل للسلام، والتي مهدت لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ما بين أكتوبر وديسمبر 2014، اجتمع أهم الهيئات السياسية وغير السياسية التونسية على ”اتفاق قرطاج” الذي وقعت عليه 9 أحزاب تمثل 80% من مجلس نواب الشعب، كما أكد الرئيس السبسي.

وتضمنت وثيقة “اتفاق قرطاج” زعماء وممثلي أحزاب وحركات سياسية هي “النهضة” و”نداء تونس” و”حركة مشروع تونس” و”الاتحاد الوطني الحر” و”آفاق تونس” و”حركة الشعب” وحزب “المبادرة” و”الجمهوري” و”المسار”، بالإضافة إلى “الاتحاد العام التونسي للشغل” كبرى المركزيات النقابية في البلاد، و”الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية” و”الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري”، كممثلين لأرباب الأعمال.

المشاورات التي دخلت في إطار مبادرة الرئيس التونسي عرفت مقاطعة أحزاب اليسار المنضوية ضمن تحالف “الجبهة الشعبية” التي كانت قد اعتبرت أن الرئيس تجاوز صلاحياته الدستورية، كما اعتبرت أن المبادرة “متسرعة” و”شكلية” وما تهدف إليه هو “ترتيب البيت الداخلي لأحزاب الائتلاف الحاكم” وتوفير الظروف المساعدة على تطبيق إملاءات المؤسسات المالية الدولية على تونس.

من جانب آخر، وإن كان “اتفاق قرطاج” يبدو وأنه تكريس للنهج التوافقي في تونس، يبقى التساؤل الكبير حول قدرة الحكومة المقبلة على النجاح في ما فشلت فيه حكومة “الترويكا” وحكومة الحبيب الصيد من قبل، خصوصا وأن الاتفاق يضع تحديات كبيرة أمام رئيس الحكومة المقبل وفريق عمله حيث يطالبه “بمحاربة الفساد” و”إرساء مقاومات الحوكمة الرشيدة” (الحكامة الجيدة) “وكسب الحرب ضد الإرهاب” و”تسريع نسق النمو لتحقيق أهداف التنمية والتشغيل”.

الأكيد أن الشهور المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال، بانتظار أن تخرج حكومة الوحدة الوطنية التي دعا لها الرئيس السبسي وأيدتها غالبية أحزاب البرلمان إلى الوجود.