حمل شهر يوليوز الجاري بارقة أمل بالنسبة إلى إمكانية إحياء وتيرة إنتاج النفط الليبي بعد إعلان المؤسسة الوطنية للنفط الاندماج مع منافستها في شرق البلاد.
وجاء إعلان إبراهيم جضران، رئيس حرس المنشآت النفطية الذي خاض معارك مسلحة سابقا ضد ميليشيات تابعة لقوات “فجر ليبيا” في صراع للسيطرة على الموانئ النفطية عن إعادة فتح الموانئ، ليعزز من الشعور المتفائل بخصوص عودة النفط الليبي إلى مستوى إنتاج جيد بعدما تضرر من الصراع المسلح الدائر في البلاد.
يذكر أن جضران سعى في وقت سابق إلى توظيف سيطرته على موانئ نفطية هامة مثل “السدرة” و”راس لانوف” كورقة ضغط سياسي للمطالبة بخلق فرع بالشرق للمؤسسة الوطنية للنفط وأيضا منح إقليم برقة حكما ذاتيا فضلا عن سعيه لتصدير النفط إلى الخارج بصورة مستقلة عن طرابلس في 2013 قبل انقسام البلاد على نفسها إلى حكومتين متنافسين واحدة في العاصمة والأخرى في مدينة البيضاء.
إعلانه عن إعادة فتح الموانئ النفطية جاء نتيجة لتغير وجهة تحالف حيث انتقل من معسكر طبرق، بقيادة الجنرال خليفة حفتر ومجلس النواب، إلى ميليشيات مصراتة وحكومة الوفاق الوطني بطرابلس والتي ما يزال حفتر يرفض الاعتراف بها.
انضمام جضران إلى تحالف الحكومة الجديدة وميليشيات مصراتة ربطه البعض بالعدو المشترك بينهم المتمثل في تنظيم “داعش” الذي سعى بدوره في وقت سابق إلى السيطرة على المنشآت النفطية من خلال شن سلسلة هجمات على منطقة “الهلال النفطي” مع بداية العام الجاري.
الحملة التي شنتها ميليشيات مصراتة الموالية لحكومة الوفاق الوطني، بالإضافة إلى الدعم الذي تلقته من جضران، مكن من طرد “داعش” من مدينتي النوفلية وبن جواد اللتين اتخذهما التنظيم كنقطتين لشن هجماته على “الهلال النفطي” في يناير الماضي، وتضييق الخناق على التنظيم في معقله بمدينة سرت بانتظار استعادتها كليا.
اليوم، وبعد إبعاد خطر “داعش” على الموانئ النفطية والإعلان عن اندماج المؤسستين النفطيتين، حيث ينتظر أن يتحول مقر المؤسسة الموحدة إلى مدينة بنغازي حينما تستقر الأوضاع هناك، وحديث إبراهيم جضران عن إعادة فتح مينائي “السدرة” و”راسل لانوف”، تبدو الشروط متوفرة لعودة لاستئناف عملية إنتاج وتصدير النفط الليبي .
بيد أن مؤسسة Stratfor للأبحاث الاستراتيجية اعتبرت في تحليل لها حول الموضوع أن الوضع الأمني وبعض الإشكالات التقنية والسياسية ما تزال تشكل عائقا أمام القطاع النفطي في ليبيا.
فبالرغم من كون مقاتلي “داعش” لا يشكلون خطرا مباشرا على مينائي “السدرة” و”راس لانوف”، إلى أن احتمال فرارهم واتجاههم جنوبا قد يدفعهم إلى مهاجمة المنشآت النفطية الأخرى التي لا تتوفر على الحماية الكافية نظرا لتشتتها، ما يجعل العمال الذي قد يرجعون لاستئناف حركية الإنتاج في خطر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأضرار التي تعرض لها ميناءا “السدرة” و”راس لانوف” خلال الهجمات المسلحة ستحد من قدرة ليبيا على تصدير النفط، خصوصا بعد الحرائق التي طالت الخزانات سواء خلال هجوم “فجر ليبيا” في 2014 أو “داعش” في بداية السنة الجارية.
من جهة أخرى، ما يزال اندماج المؤسستين النفطيتين يواجه بمعارضة من قبل سلطات طبرق التي قد تعمد إلى مقاومة انتقال السلطة على المؤسستين إلى حكومة الوفاق الوطني، سواء من خلال استعمال القوة أو الضغط على الشركات التي قد ترغب في نقل الإنتاج، بالرغم من أن هذا الاحتمال يبدو ضئيلا لكون حفتر تجنب إلى حد الساعة الدخول على خط الصراع النفطي.
مؤسسة Stratfor اعتبرت أن الوضع الحالي قد يساهم في رفع الإنتاج من 350 ألف برميل يوميا إلى 600 ألف ربما، لكن استمرار الانقسامات يهدد بنسف أي اتفاق في الموضوع.