يرى البعض أن الفن لا يمكن أن يخضع للمعايير الأخلاقية ولأحكام القيمة التي تعتبر بعض الإنتاجات “مبتذلة” أو “رخيصة”، أو تطالب بوجود “فن نظيف”، كما أن الفن لا يجب أن يكون بالضرورة، حسب البعض، حاملا “لرسالة معينة”، لأننا في آخر المطاف أمام تعبيرات يبقى الاتفاق والاختلاف معها رهينا باختلاف الأذواق. لكن المفكر الفرنسي جاك أطالي يرى أنه بإمكاننا الحديث عن سينما أسماها “إيجابية”.
أحد الجوانب الإيجابية التي يمكن أن تلعب فيها السينما دورا مهما، هو الوعي بما يعيشه كوكب الأرض من تحديات مناخية، وهو ما تحدث عنه الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو عند فوزه بجائزة أوسكار كأحسن ممثل عن دوره في فيلم “العائد”، وهو ما جدد التأكيد عليه في خطابه أمام المتحدة.
وصدر جاك أطالي مقاله حول الموضوع، الذي نشر بموقع Slate في نسخته الفرنسية، باقتباس من كلمة دي كابريو خلال تلقيه الجائزة. “إن الاحتباس الحراري مشكل حقيقي..يمثل تهديدا آنيا للنوع البشري على هذا الكوكب. على الجميع تقديم الدعم لقادة العالم، وأعني أولئك الذين بدل أن يتحولوا إلى ناطقين رسميين باسم الشركات التي تلوث البيئة، يهبون للدفاع عن القيم الإنسانية وuk آلاف الشعوب الأصلية ومليارات السكان الفقراء الذين سيتضررون، وأحفادنا وكل أولئك الذي تم تكميم أفواiهم بسبب الجشع السياسي..”، يقول الممثل العالمي.
إقرأ أيضا: طرح الإعلان الترويجي للجزء الخامس من فيلم الجواسيس Jason Bourne
دي كاربيو هو في نظر جاك أطالي امتداد لكل الفنانين والمنتجين والممثلين الذي لديهم وعي بأن لهم دورا في المجتمع، وأن الفن، سواء كان سمفونية أو لوحة تشكيلية أو منحوتة أو رواية، فهو يمرر، بطريقة ضمنية، رسالة ما.
المفكر الفرنسي نوه بالسينما التي تنضاف جهودها إلى جهود المنظمات غير الحكومية والشركات والعلماء والحكومات الذين يشكلون معا ما يراه “العالم الإيجابي”، أي مجموع الأشخاص الذين يشتغلون اليوم من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة، والإرشاد إلى الحلول وسبل حماية الكوكب والبشرية بغية تجنيبهم الأسوأ.
مؤلف كتاب “تاريخ الحداثة: كيف تفكر البشرية في مستقبلها “، اعتبر أن الأخطار المحدقة بالعالم اليوم كبيرة، فالتغيرات المناخية والتطور الديمغرافي وتسارع وتيرة التقدم التكنولوجي قد تقود الكوكب إلى الأفضل أو الأسوأ.
وعبر جاك أطالي عن خشيته من أن تكون الأرض غير صالحة للعيش في أفق عام 2050، وبالتالي علينا أن نعمل على أن يجد 9 مليار إنسان، سيعيشون جنبا إلى جنبا، ظروفا أفضل للاستمرار فوق سطح الكوكب.
“في هذه المعركة، يمكن للسينما أن تلعب دورا”، يقول الكاتب الاقتصادي والروائي الفرنسي. ولأجل مساعدتها على لعب هذا الدور، قررت مؤسسة “كوكب إيجابي” التي يرأسها جاك أطالي تكريم هذه “السينما الإيجابية”، التي يسعى من خلالها من يحملون هذه الصفة إلى جعل إبداعاتهم تحمل نفعا للأجيال القادمة.
التكريم سيكون على هامش مهرجان كان السينمائي في 18 ماي المقبل، حيث سيشمل الإنتاجات التي تمت خلال السنة التي سبقت هذا التاريخ، ومن خلاله يسعى أصحاب الجائزة وعلى رأسهم أطالي للتذكير بأن “الفن لا يبحث فقط عن إحداث التأثر العاطفي، وأن ما من شيء أجمل مما يكون فيه نفع للناس”.