هي رحلة كفاح بدأت من الصفر وانتهت بحساب بنكي يحمل مليارات الدولارات، صبي عمل في صغره شيالًا وكناسًا وطباخًا وقهوجيًا وصبي صرافًا، ذاق المُر والمرار ووصل في الأخير إلى مبتغاه، إنه سليمان عبدالعزيز الراجحي، رجل الأعمال السعودي الذي يبلغ من العمر 96 عامًا، مؤسس «مصرف الراجحي»، أول بنك إسلامي في السعودية وأحد أكبر تلك البنوك في العالم، كما يملك العديد من الشركات المساهمة في التنمية الزراعية والصناعية التعليمية والخيرية.
80 عامًا مروا على بدايته على طريق الثراء، صعد السلم من أوله وأضاف أرقامًا على أرقام لينقل الصفر الوحيد في حسابه إلى يمين أرقام أخرى ويضيف إليه أصفارًا وأصفار، إلا أنه وبعد 8 عقود قرر أن يقفز من أعلى السلم ليعود مجددًا إلى بدايته، إلى صفره الأول، كما نقلت صحيفة «الإمارات اليوم».
وأوضح «الراجحي» لصحيفة «عكاظ» السعودية: «وصلت لمرحلة الصفر مرتين في حياتي، إلا أن وصولي هذه المرة كان بمحض إرادتي»، تعليقًا على قراره الأخير بالتبرع بثروته المقدرة بـ7.4 مليار دولار مقسمة ثلثاها للأعمال الخيرية وثلث لأبنائه.
قصة حياة الرجل صاحب الـ96 عامًا بدأت بمراحل صعبة، فلم ينل نصيبًا من التعليم في صغره وكان مهتمًا من صغره في التجارة ولفتت صحيفة «عكاظ» إلى أن الرجل «قرر في إحدى مراحل حياته أن يعمل بائعًا للطائرات الورقية، فاشترى واحدة بآخر قرش في جيبه، وفككها ليتعرف على طريقة صنعها، ثم جمع سعف النخيل ليصنع منها الطائرات، ويبيعها بنصف قرش.واجتهد خلال عمله مع أخيه الأكبر صالح ليتحمل مسؤولية نشاط الصرافة في جدة ومكة، فكان يحمل الطرود والأمانات على ظهره لإيصالها للمطار، فيقطع ما يزيد على عشرة كيلومترات ليوفر أجرة الحمال والنقل، ولم يكتف بذلك فتاجر في أوقات فراغه في الأقفال والأقمشة ومواد البناء لتحسين دخله».
وقبل بلوغه العشرين كان الشاب قد جمع 1500 ريال، وكانت تعتبر في حينها ثروة كبيرة، فتزوج ليحقق رغبة والديه، وصرف كل أمواله في تلك الزيجة.
ولم يكتف «الراجحي» بالزواج بواحدة بل تزوج بثلاث أخرين، ويقول عن زوجاته: «وفقت بالزواج من 4 نساء ساعدنني في حملي الكبير».
وفي عام 1987، استطاع «الراجحي» أن يؤسس وإخوته مصرف يحمل اسم العائلة، وكان رأس ماله 15 مليار ريال سعودي، وتوسع ليصل إلى 500 فرع، وبلغت عدد صرافاته الآلية ما يزيد عن الـ2750 في كل مناطق المملكة، قبل أن يفتتح فروع بلغت 19 في ماليزيا، بالإضافة إلى 6 فروع في الأردن.
ولا يزال رجل الأعمال السعودي يتابع أعماله بشغف، حسب الصحيفة، ويكون أول من يصل إلى مكتبه وأخر من يرحل، إلا أنها أوضحت أنه يوزع أعماله اليوم على أولاده، ناقله عنه قوله: «بعد أن كنت صاحب العمل، صرت دلالًا أجلب لأولادي الزبائن، لكني أشارك بفكري في كل صغيرة وكبيرة».
وأضافت الصحيفة أن «امبراطور المال» يرتدي ثوبا عمره 30 عامًا، ليتذكر دائمًا ماضيه، موضحة أنه أوصى بعدم إقامة عزاء له عند وفاته، قائلًا في وصيته: «من أراد العزاء فعليه التصدق بمبلغ التعزية للجمعيات الخيرية».