منذ إحالته على التقاعد، توارى محمد الصديق معنينو، الإعلامي والوجه التلفزيوني المعروف، والكاتب العام لوزارة الإعلام سابقا، إلى الظل، وهو الذي اعتاد العيش تحت الأضواء، ولم يظهر سوى في بعض الندوات وحفلات التكريم.
أخيرا، صدر له كتاب بعنوان” أيام زمان .. موكب السلطان”، وهو الجزء الأول من سلسلة مذكرات يمزج فيها بين ما هو ” ذاتي”، وما هو ” محيط”، مستحضرا الوقائع التي عاشها عن كثب.
في الكتاب الذي وضع مقدمته، محمد العربي المساري، الإعلامي والوزير السابق، الكثير من الأحداث، بعضها صعب، وبعضها طريف، وفي إحداها يكشف كيفية دخول معنينو إلى التلفزيون.لقد تغيبت المذيعة، فدعي معنينو إلى الاستوديو، وكان يتردد على مبنى التلفزيون، “ووجد نفسه أمام الكاميرا، مفروضا عليه أن يتصرف”.
في هذا الجزء الأول من هذه ” الأوراق” يتناول معنينو، بأسلوب سلس، وذاكرة حية، مراحل طفولته وشبابه، والتحاقه بالتلفزة، ” وما عرفته تلك السنوات من صراعات ومواجهات، وأخطار، في مقدمتها المحاولتان الانقلابيتان الفاشلتان”.
في المحاولة الانقلابية الأولى، التي وقعت في شهر يوليوز، سنة 1971، وجد نفسه، تحت فوهة رشاشة تلامس ظهوره، خلال احتلال الانقلابيين لمبنى الإذاعة والتلفزة.
لم يستوعب المشهد، وكلمات كولونيل تطن في أذنه:” مجلس الثورة يضمن حقوقك”..
وعلق معنينو بعد نجاته من تلك المجزرة، التي لعلع فيها الرصاص، وكتب له عمر جديد:” هكذا تبدأ الثورات قبل أن تزيغ وتتحول إلى آلة لهضم الحقوق وكبت الحريات”.
وعن محاولة محمد أوفقير إسقاط طائرة الحسن الثاني، في شهر غشت سنة 1972، يرصد معنينو الترتيبات التي سبقتها، ويستند إلى شهادة لعبد الوهاب بنمنصور، مؤرخ المملكة، وتتضمن إرهاصات تفيد أن الجنرال كان يستعد لقلب نظام الحكم، لكن الملك لم يأبه لكل التحذيرات الواردة في ” مذكرة سرية”، رغم وصولها إلى يديه.
وتأسيسا على ذلك، تساءل بنمنصور: ” هل كان الملك على وعي بخطورة الأوضاع، أو أن ثقته في أو فقير كانت من الصلابة والقوة، مما حجب عنه الحقيقة؟”
في هذا الكتاب يسترجع معنينو طفولته في أزقة سلا، وزيارة والده الوطني الحاج أحمد معنينو، في سجن ولعلو، واستقبال محمد الخامس بعد رجوعه، وفي جنازته يوم وداعه..
كما يتذكر بداية الاستقلال واختطاف واغتيال الديمقراطيين.. ويتطرق إلى المشاكل والمصاعب التي عاشها الحسن الثاني، ” حيث شاءت الأقدار أن أطلع على بعض أسرارها وما راج في كواليسها”.
ويرسم معنينو صورة بقلمه للحسن الثاني، فيقول عنه:” كان الرجل ذكيا وعالما ومزاجيا، ملكا حداثيا وسلطانا تقليديا..”