دعا المفكر العربي سعيد خالد الحسن، إلى تجديد “المدركات الجماعية” التي أسهمت في تشكيل الأمة العربية الإسلامية عبر تاريخها المديد، مسجلا غياب هذ المفهوم على مستوى المؤسسات العربية بسبب واقع التجزئة القطرية الذي فرضته قوى الهيمنة الاستعمارية .
كما أبرز سعيد الحسن مدير مركز الدراسات بمؤسسة خالد الحسن، خلال ندوة صحفية عقدها مساء يوم الخميس 23 أبريل 2015 بالرباط، لبسط برنامج الدورة الرابعة للمؤتمر السنوي للعلوم الإنسانية والاجتماعية للباحثين الشباب وطلبة الدراسات العليا، حول موضوع ” تجديد مدركاتنا الجماعية في ضوء التحديات الراهنة، قضايا المستقبل العربي”
وأوضح خالد الحسن أن غياب هذا المفهوم يزيد من عمق الأزمة على مستوى الخطاب الذي تتبناه النخب الفكرية التي يفترض أنها المعبرة عن طموحات مختلف فئات شعبها ومآلها وتطلعاتها، داعيا النخب العربية إلى تغيير مقارباتها للقضايا العربية المطروحة في هذه المرحلة، التي تشكل مرحلة انتقال تعبر عن واقع صنعه الاستعمار.
وقال في هذا الصدد “إن المقصود بتجديد المدركات ليس العمل على تجاوزها أو إحداث قطيعة معها أو محاولة تغييرها، بل إحياؤها عبر العودة إلى الخبرة الحضارية للجماعة المجتمعية”، موضحا أن هذا الطرح يجد مبرره في واقع أن المدركات الجماعية هي حصيلة خبرة مديدة عبر التاريخ تجعلها متجذرة في التقاليد الحضارية والنماذج السلوكية السائدة في أوساط الجماعة.
وأشار إلى أن الشباب الباحثين معنيون بموضوع “تجديد مدركاتنا الجماعية”، لكونه مفهوما يتبناه البعض كأرضية لتجاوز الفتن الراهنة في كثير من أرجاء المنطقة العربية.
وأضاف “أن البنية المعنوية من قيم ومفاهيم ومرجعية تستند عليها الجماعة وتنظم حياتها في حركاتها من الماضي إلى المستقبل”، معربا عن أمله أن يتوج هذا المؤتمر، الذي سيعرف مشاركة أزيد من 200 باحث وباحثة من مختلف الجامعات العربية وبحضور باحثين من بلدان عربية، بحصيلة مهمة تعالج هذا الموضوع الذي يتصل بالتراث المعنوي والفكري للحضارة العربية الإسلامية .
يشار إلى أن المدركات الجماعية، مفهوم جديد يقترحه المفكر العربي سعيد خالد الحسن، في التحليل السياسي مُنطلقا من مجموع المبادئ المرجعية الناظمة للسلوك الجماعي العام لجماعة معينة، والذي ينتظم من خلاله الوجود السياسي والعلاقات الاجتماعية والوظيفية الحضارية لتلك الجماعة، وترتفع بالسلوك الانساني داخلها من مستوى الفرد الى مستوى الجماعة.
إلى ذلك، يقترح المفكر العربي سعيد خالد الحسن مفهوم “المُدركات الجماعية”ونسقها المعرفي أرضية للأجيال الصاعدة وإطاراً يتم عبره حسم فتنة الصراع بين نخبنا الفكرية المتأصلة (من الأصالة)، وتلك المستحدثة (من الحداثة)، داعيا إلى تجديد هذه المدركات عبر تمثّلها (فكرياً) باستحضارها والنظر فيها في ضوء تمثل الواقع بظروفه وتحدياته الراهنة.
و تأتي الدورة الرابعة لهذا المؤتمر، في إطار سلسلة مؤتمرات سنوية انطلقت منذ أربع سنوات، بدعم من جامعة محمد الخامس كلية الحقوق سلا، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ووزارة الشبيبة والرياضة، تهدف إلى اتخاذ ” المدركات الجماعية”، كإطار مفاهيمي تتحد به قضايا المستقبل العربي، في ضوء دراسة ما تعيشه الأمة العربية على الصعيدين الداخلي والخارجي من إخفاق في تجاوز التحديات الماثلة أمامها.