نحو تأهيل وطني جديد..

 

خطاب الرئيس ابو مازن في الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في السادس والعشرين من الشهر الحالي خطاب قوي بمعنى الكلمة، صادق وشجاع، وفيه دقة متناهية في توصيف الحالة الر اهنة بيننا وبين اسرائيل التي يجثم احتلالها الخانق فوق صدورنا، حيث مشاريع الاستيطان الكبرى تسابق الزمن، والممارسات الاسرائيلية تحطم عصب الحياة الفلسطينية ونموذج العدوان كما رأينا في قطاع غزة على امتداد واحد وخمسين يوما وصل فيه الدمار والموت الى مستويات غير مسبوقة حتى ان الآلاف من شباب قطاع غزة الذين يحاصرهم اليأس يرمون بأنفسهم الى الموت ويسلمون مصيرهم الى تجار الموت وقوارب الموت بحثا عن حياة جديدة متوهمة.
وعلى قدر اهمية وشجاعة وصدق هذا الخطاب جاء رد الفعل الاسرائيلي الذي سيتوالى تباعا، ولكنه مهما كان شكله فانه لن يخرج عن التوقعات، فاسرائيل التي افشلت المفاوضات عمدا، وخططت للحرب الاخيرة بأبشع المعايير عمدا، لا يتوقع منها ان تفتح حوارا معنا او حتى مع نفسها للوصول الى فهم مشترك، للذهاب مجددا وبشكل جدي الى حل نهائي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي الذي طال اجله وتراكمت نتائجه الكارثية، بل اسرائيل التي قامت في الاساس وتطورت ووصلت الى شكلها الحالي من خلال فلسفة سياسية لا بديل لها، سياسة فرض الامر الواقع لأن لها حلفاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة يقدمون لها الغطاء حتى لو ارتكبت كل يوم مذبحة جديدة وخطيئة جديدة.
ولكن رد الفعل السريع وغير المبرر وغير المقنع ايضا جاء من الادارة الاميركية، على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية التي كان وزيرها جون كيري الى وقت قريب يرعى مفاوضات بيننا وبين اسرائيل التزمنا خلالها بالعمل الجدي والمبادرات الايجابية، وكان جون كيري «شاهد ملك» على تعنت الجانب الاسرائيلي ورفضه الالتزام بأي شيء حتى بصفقة الافراج عن اسرى كان يجب ان يكون مفرجا عنهم قبل عشرين سنة، واسرائيل قادرة ان تملأ سجونها بأضعافهم مثلما فعلت بعد الثاني عشر من حزيران وخلال فترة الحرب وما بعد الحرب الاخيرة.
ردة الفعل الاميركية جاءت بلغة قاسية وظالمة في آن واحد، لأن خطاب الرئيس ابو مازن لم يكن فيه اي قدر من الأفتئات، بل كان حقائق ساطعة شهد عليها الاميركيون انفسهم في اكثر من اربعين لقاءا قام بها جون كيري ومساعدوه وانتهت كلها بالفشل الذريع امام التعنت الاسرائيلي والعدوان الاسرائيلي الذي يأخذ اشكالا متعددة يقف على رأسها توحش الاستيطان، وتوحش عمليات التهويد والأسرلة في القدس، وتوحش قطعان المستوطنين والمتطرفين وجماعات تدفيع الثمن، وكانت آخر المشاهد قبل الحرب احراق الفتى محمد ابو خضير من القدس حيا! كل ذلك كان بمشاهدة ومراقبة الاميركيين، فلماذا جاء رد فعلهم قاسيا ومبالغا فيه وغير موضوعي بالمرة على خطاب الرئيس الفلسطيني؟
نحن ذاهبون الى اشتباك سياسي واسع وصعب، وهذا الاشتباك السياسي مؤهل لنقلنا الى اشتباك ميداني عنيف، لأن الابواب حين تغلق فان كل شيء يصبح مباحا، هذا شيء موضوعي سواء قبلنا او لم نقبل، لأن الواقع لا يؤمن بالفراغ، وما دمنا قد ذهبنا الى مرحلة جيدة الكل كان يتبجح ويزايد مطالبة بها، حتى الذين لا يملكون من أمر أنفسهم شيئا كانوا يتبجحون ويصرخون بالاتهامات كالمجانين وها هي ساعة الحقيقة تدق عاليا فكيف نتأهل للمواجهة؟ مع العلم اننا نعرف جميعا اننا قد نذهب الى المواجهة وحيدين، لأن العالم العربي سيبقى لسنوات قادمة مسجلا في دفتر الغياب، انه مستوعب في اولويات لا علاقة له بها، فكيف نتكيف مع هذه الحالة، وكيف نجتاز مرحلة الصمود، وكيف نحمي مكاسبنا ولا تضيع من أيدينا في أول الطريق؟

اقرأ أيضا

“الطاس” ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري

رفضت المحكمة الرياضية بلوزان السويسرية "الطاس"، الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم، فيما يخص نتيجة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة، لحساب نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية.

هل النساء يشعرن أكثر بالبرودة؟.. دراسة تخالف التوقعات

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، عن نتائج صادمة، بشأن …

الحسيمة.. فتح بحث قضائي لتوقيف المتورطين في محاولة تهريب أطنان من المخدرات

متابعة فتحت المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الحسيمة بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *