أرانب وثعالب!

نقاش حاد وجاد وبلا ضاد أو صاد، دار بيننا كإعلاميين: هل من المعقول أن يُسمح لمجاهيل ونواكر وعديمي شهادات وكفاءات، أن يتجرّأوا على سحب استمارات الترشح لكرسي رئيس الجمهورية؟ وهل يجب منع هؤلاء من الترشح، بقوة القانون واستحداث شروط قاسية للترشح؟ حتى ولو لمنصب المير والنائب؟ أم أن الصندوق والإرادة الشعبية هي الكفيلة بمعاقبة أولئك ومنعهم من الجلوس على المناصب المنتخبة!
منطقيا ونظريا ولفائدة المناصب المنتخبة، التي حوّلها البعض إلى حقائب مكيفة، في خدمتهم وتحت تصرّفهم، عليها أن تخضع لشروط قاسية ومقاييس بلا رحمة ولا شفقة، المبدأ فيها الشهادة والكفاءة والمستوى التعليمي والقدرة على التغيير وحسن السيرة والسلوك والقبول لدى الآخر، لكن ما هو متوفر، إلى أن يثبت العكس، فإنه لا ينبغي هكذا ركوب الديمقراطية لممارسة الإقصاء في حق راغبين في الترشح بدعوى أنهم جهالا ومجاهيل!
قد يكون الصواب، السماح لكل من “هبّ ودب” بالترشح، طالما أن الدستور يوفر هذا “الحقّ” للجميع الذين لا تسقط عنهم شروط واضحة ومعروفة، وبعدها على الصندوق أن يُعاقب هؤلاء ويُمرمدهم، وقبلها، لا يعتقد أيّ متابع حتى وإن كان أبله، أن ينجح نوع من المتحرّشين على جمع 60 ألف توقيع من الناخبين، أو 600 توقيع من منتخبين!
من الطبيعي تكاد القنطة والقنوط أن تقتل فئات واسعة من الناخبين، عندما يقفوا على نطيحة ومتردية وما أكل سبع وموقودة دخلت البرلمان فأصبحت من النواب واكتسحت المجالس المخلية فلبست “كوستيم” المير وعضو المجالس البلدية والولاية، فكانت المهازل والطرائف حتما مقضيا!
الذين دخلوا المجالس المنتخبة دون مراقبة ولا محاسبة ولا معاقبة، هم الذين شجّعوا “إخوانهم” في الطمع والطاعون -وحاشا- فمنهم من دخل الانتخابات بالصدفة، ومنهم من دخلها عن طريق تشابه الأسماء، ومنهم من انتحر، ومنهم من قضى نحبه وما بدّلوا تبديلا!
إن جرأة وجرعة العيّنة المُلامة على ترشحها لكرسي رئيس الدولة، وتحرّشها بهذا المنصب الحسّاس و”الدسّاس”، لا ينبغي التهجّم عليها وتتفيهها وتسفيهها، فقد يكون وسط هؤلاء “نوايا حسنة”، لكن هذا لا يحظر القول بأن أغلب “مشاريع المترشحين”، أو المرشحين مع وقف التنفيذ، يسيل لـُعابهم على “الغنائم” والمناصب وهم لا يكترثون بالمصائب!
نعم، ليس من السهل تجميع وتنويع وحتى “ترويع” الناخبين لجمع الـ60 ألف توقيع التي يشترطها القانون في الطامع والطامح للترشح، لكن قد يكون لعنصر المفاجأة والمباغتة دور فاصل، فينجح الأرنب في ما فشل فيه الثعلب!
“الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *