من المنتظر أن يدخل الفرقاء السياسيون الليبيون الأسبوع القادم جولة جديدة من الحوار الوطني برعاية رسمية جزائرية ووسط آمال كبرى بأن يخرج بخارطة طريق وطوق نجاة يطويان صفحة الحرب والاقتتال التي عاشها هذا البلد على مدار أكثر من ثلاث سنوات.
ورغم أن هذه الخطوة قد جاءت بعد «خراب ليبيا»… وبعد غرقها في «مربع» الدم والدمار فإن فرص نجاح الحوار في تحقيق مصالحة وطنية تبقى ممكنة شريطة أن يغلّب الليبيون مصلحة بلدهم على حساباتهم الضيقة وأن «يدفنوا» نزاعاتهم و«نزعاتهم» الانتقامية التي حوّلت ليبيا الى «جحيم» يكتوي فيه الجميع، بنار التطرّف والإرهاب.. ويستباح فيه هذا البلد بأسلحة الميليشيات والخراب.
ونجاح هذا الحوار في حقيقة الأمر ليس مطلبا ليبيا فقط بل إنه مطلب تونسي وجزائري أساسا.. وليس مبالغة القول إن حرص هذين البلدين على تحقيق المصالحة الليبية كان ربما أكبر حتى من بعض الجهات الليبية ممّن آثرت الركون الى خيار السلاح لتطلق رصاصة الرحمة على كل المبادرات والوساطات التي قادتها جهات تونسية وجزائرية تحديدا.
وعليه، فإن الأزمة الليبية، ورغم تعقيداتها ومساراتها المتشابكة و«المشتبكة» والمرتبكة لم تعد اليوم تحتمل التأجيل وبقاؤها على هذه الحال ستكون نتائجه وخيمة على كل دول الجوار بلا استثناء.. فعسى أن لا يكون هذا الحوار فرصة ليبية جديدة مهدورة.. وأن يستجيب الى مقتضيات المرحلة.. والضرورة!
ذلك ان ليبيا بما تختزنه من ثروات ومن امكانات مادية وبسواعد أبنائها متى وحدوا جهودهم وطاقاتهم قادرة على لملمة جراحها بسرعة… والانطلاق في بناء تجربة تنموية يستفيد منها المواطن الليبي وتفضي إلى بناء ليبيا جديدة يتعايش فيها الجميع بعيدا عن كل نزعات الاقصاء وبعيدا عن لغة العنف والسلاح.
“الشروق” التونسية