ما الذي يدفع شباب أوروبا المسلم إلى التطرف؟

في أعقاب ما شهدته العاصمة الفرنسية باريس قبل حوالي أسبوعين من هجمات قادها شبان مسلمون، وما تلاها من تفكيك خلية “إرهابية” ببلجيكا، احتدم النقاش داخل أوروبا مجددا بخصوص تشديد الإجراءات الأمنية في ظل التحاق عدد كبير من الشباب الأوروبي المسلم بجبهات القتال في سوريا والعراق، وتحريض عدد منهم على القيام بعمليات داخل التراب الأوروبي.
هذا الوضع أعاد الحديث عن الأسباب التي تدفع الشباب الأوروبي المسلمي إلى التطرف، وهل السبب راجع إلى التدخل الذي تقوم به عدد من الدول الأوروبية في البلدان المسلمة أو فشل سياسات إدماج المهاجرين أو لإتقان الحركات المتطرفة لتقنيات الدعاية من استقطاب الشباب وتجنيدهم.
الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهابية، لورينزو فيدينو، اعتبر أنه لا يمكن إرجاع الأسباب التي تدفع الشباب الأوروبي المسلم للتطرف كلها للإنترنت.
وأضاف فيدينو في حديث مع موقع swissinfo.ch أن الناس يصبحون أكثر تطرفا داخل المجموعات الصغيرة التي ينتمون إليها، حيث تقوم هاته المجموعات بنشاطات مشتركة كالذهاب إلى المسجد أو لعب الكرة، أو الاستماع إلى الوعاظ الدينيين وتبادل الروابط والفيديوهات على الإنترنت، وهو ما “يسمح لهم بالانغماس كليا في عالم التطرف”.
ويعتقد الباحث أنه لا يوجد هناك إجماع على أن تطرف مسلمي أوروبا مرتبط بالضرورة بفشل سياسة الإدماج.
وقال لورينزو فيدينو، إنه باستقراء بروفايلات المسلمين الذي قاموا بعمليات داخل أوروبا يتضح أنهم ينحدرون من مستويات مختلفة، فبعضهم من الأشخاص الذين يعيشون على الهامش وآخرون مندمجون كليا في المجتمع.
هذا، وتشير الأرقام إلى أن 30 بالمئة من الأوروبيين المسلمين الذي التحقوا بجبهات القتال في المنطقة العربية هم ممن اعتنقوا الإسلام.
وتشير التقديرات الخاصة بالمسلمين الأوروبيين الذين يحاربون إلى جانب المجموعات المسلحة في سوريا والعراق إلى وجود ما بين 3000 و5000 شخص.
من جانبها، ترى الباحثة جوسلين سيزاري في مقال سابق نشر بجريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أنه لا يمكن إرجاع حالة التطرف التي تسود في صفوف بعض الشباب الأوروبي المسلم إلى أسباب اقتصادية واجتماعية.
سيزاري اعتبرت من بين العوامل التي تساعد على خلق هاته الحالة هو الحضور القوي “للمذهب السلفي”، وهو ما يطرح مشكلة لأن “غالبية المسلمين في الغرب ليسوا سلفيين وغالبية السلفيين ليسوا جهاديين”.
بيد أن الفكر السلفي، لكونه منغلقا ويدفع معتنقيه إلى الانعزال عن المجتمع الذي ينظر له على أنه فاسد، تقول الباحثة، قد يشكل أرضية لاتباع فكر الجماعات المتطرفة مثل “داعش” والتي تتبنى بدورها فكرا سلفيا.
وأرجعت الباحثة تزايد الفكر المتطرف بين الشباب المسلم في أوروبا كذلك إلى تواتر السياسات التمييزية في حق المسلمين وحرية ممارسته الدينية، مثل التضييق على ارتداء الحجاب وبناء الصوامع فوق المساجد وإجراء عمليات الختان والأكل الحلال.
هذا الأمر يولد في نظر صاحبة المقال إحساسا لدى مسلمي الغرب بأنه مرفوضون داخل المجتمع، خصوصا عندما ينضاف إلى ذلك التمييز في يخص العمل والسكن والنشاط السياسي.
أما السبب الثالث فترجعه الكاتبة إلى انهيار الأيديولوجيات الرئيسة في أوروبا مثل القومية والشيوعية والليبرالية، وهو ما يفسح المجال أمام الشباب المسلم لاعتناق أيدولوجيا متطرفة مثلما هو الحال بالنسبة للشباب الأوروبي الذي اعتنق الفكر اليساري الراديكالي في سبعينيات القرن الماضي.
وترى جوسلين سيزاري أن الدول الأوروبية مدعوة إلى مراجعة سياساتها بخصوص المسلمين وإنهاء العزلة المضروبة على الإسلام الذي يصور باستمرار على أنه غير منسجم مع القيم الليبرالية الغربية.

اقرأ أيضا

غزة

غزة.. شهداء وجرحى إثر القصف المتواصل وإسرائيل تبحث بنودا جديدة حول صفقة تبادل الأسرى

لليوم الـ202، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، مخلفا شهداء وجرحى في غارات على رفح ومناطق أخرى، في حين يشهد شمال مخيم النصيرات اشتباكات وقصفا متواصلا، في ظل استعداد إسرائيل لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *