تساولات عن أي دور يلعبه الفلاسفة في التحولات الراهنة واستشراف المستقبل

نظمت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، أمس، بالمكتبة الوطنية الجزائرية، تحت إشراف وزارة الثقافة مؤتمرها السنوي «الفلسفة وسؤال المستقبل»، والذي حاول من خلاله منظمو الفعالية إبراز خصوصية وفُرادة الفيلسوف في استشرافه للمستقبل، في ظل التحوُّلات الحضارية الكبرى التي يشهدها الواقع العربي الرّاهن وظهور تناقضات في التّركيبة الثقافية الفلسفية وطرح في المؤتمر السؤال الكبير، هل الفلسفة مرشحة لدراسة المستقبل ورسم ملامح الخريطة الجغرافية لمصير الإنسان العربي، ومعرفة علاقته مع الآخر وفق مقولات الكونية والحداثة. أكد عمر بوساحة، رئيس الجمعية، بأن هدف الجمعية منذ تأسيسها الوصول إلى الحياة الثقافية، ومناقشة الإشكالات التي تنال اهتمام مختلف الفئات، لذلك أرادوا أن يوزعوا ـ يقول ـ الموضوعات على مجموعة كبيرة من الإشكالات التي تلقى الاهتمام، رغبة منهم في الوصول إلى بعض العقلنة للحياة الثقافية التي لا فلاسفة لها ولا مفكرين ولا وعي نقدي، والتي قد تؤدي إلى نهايات مؤسفة. وأضاف بوساحة أنهم تصوروا من خلال إخراج الفلسفة من الجامعة إلى الحياة الثقافية، المساهمة على الأقل في تقديم ولو جزء بسيط للثقافة الجزائرية، مبرزا أنهم يريدون أيضا الارتقاء بالفلسفة عالميا وربطها بما يحدث في العالم من خلال تقديم الفكر الفلسفي، والذي هو في نقاش مستمر وشامل لكل الثقافات العالمية. وأشار بوساحة إلى أن المؤتمر سيدرس العمل الذي يقدمه الفلاسفة في رؤيتهم للمستقبل، ومن بين أهم محاور البرنامج «كيف تتصدى الفلسفة لهذا الحراك العربي ومنها الثورات العربية و»كيف يمكن أن يشارك الفيلسوف في صنع مستقبل هذا العالم»، و»كيف يمكنه أن يسهم في التغيير»، من أجل تجاوز العفوية والتلقائية في تدبير الذات، مع إتقان ثقافة التخطيط والتشريع لنظم حياتية تساعدنا على التواجد الحضاري. وفي مداخلة للروائي أمين الزاوي بعنوان: «هل الرواية قدر الفلسفة»، قدم مجموعة من التساؤلات والأفكار والتي حاول أن يتلمس من خلالها التماهي والتماس والتقاطع ما بين الرواية والفلسفة، مشيرا إلى أن الخمسينيات والستينيات هي سنوات الخطاب الإيديولوجي والذي قابله الخطاب الأدبي والخطاب الشعري الحماسي والأغنية السياسية المعروفة، أما في الألفية الثانية فنحن ـ يقول ـ أمام زمن الفتن الروائية والفتاوى الدينية، وتساءل الزاوي أليست الرواية في هذه الكتابة هي رسالة الفلسفة اليوم وهي خطابها السردي ولسانها المعاصر الجديد، وهل كان الشعر أيام ابن سينا والمعري وعمر الخيام ونيتش هو حامل قلق الفلسفة، مبرزا بأن غالبية الفلاسفة كانوا شعراء، وتساءل أيضا هل يعني هذا أن التأمل الفلسفي هو عتبة الشعر أو أن التأمل الشعري هو عتبة الانشغال الفلسفي، ألم يكن الأدب على مر العصور حمّال الفلسفة بمكر وخبث جمالي، أليست الرواية اليوم هي مستفزة الفلاسفة جميعهم. وأبرز الروائي أمين الزاوي أن الخطاب البياني التحليلي أصبح وسيلة للروائيين لتجديد الرواية وإعطائها بعدا فلسفيا عميقا، بعد أن أصبح يعاني من وعكة صحية أدبية تتمثل في هيمنة الخطاب الإيديولوجي والسياسوي الموسمي، مؤكدا بأن الفلسفة أعادت الشرعية للرواية. كما تحدث الأستاذ عبد القادر بليمان عن الفلسفة والمواطنة والعلاقة المتصلة فيما بينهما، مشيرا إلى أن المواطنة ليست الانتماء إلى الوطن وإنما أيضا المشاركة الفعالة في بناء المؤسسات، مؤكدا بأن الفلاسفة لم يكونوا بعيدين عن المواطنة وعرفوها بأنها تقوم على خصائص وقيم عليا، وتطورت ـ حسبه ـ فلسفة المواطنة ليكون لها تأثير كبير على السير التاريخي وأداة للتغيير. ودعت الأستاذة فيروز رشام إلى ضرورة تغيير الأفكار المتعلقة بالفلسفة على أنها تؤدي إلى الكفر والإلحاد، مؤكدة بأن الفلسفة والفيلسوف يلعب دورا مهما في إحداث التغيير في العالم بأكمله، لا سيما ما يشهده الوطن العربي من أحداث وثورات.

اقرأ أيضا

الجزائر

السياسة الخارجية الجزائرية.. أزمة المحددات والأشخاص

بنت الجزائر عقيدة وثوابت سياستها الخارجية انطلاقا من مخرجات التفاوض الذي خاضته الحركة الوطنية الجزائرية مع المستعمر الفرنسي، مكرسة شعارات سياسية محددة للسياسية الخارجية أكثر منها ثوابت مبنية على نظريات مؤسسة لعلم العلاقات الدولية، مما حول هذه الشعارات إلى نصوص جامدة غير متغيرة في عالم يطبعه التغير والتحول بشكل دائم ومتعدد، أفضت إلى ما أفضت إليه ما بعد انهيار جدار برلين من فقدان البوصلة والرؤية المؤسسة للبعد الاستراتيجي في القرار الخارجي الجزائري.

غزة

غزة.. شهداء وجرحى إثر القصف المتواصل وإسرائيل تبحث بنودا جديدة حول صفقة تبادل الأسرى

لليوم الـ202، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، مخلفا شهداء وجرحى في غارات على رفح ومناطق أخرى، في حين يشهد شمال مخيم النصيرات اشتباكات وقصفا متواصلا، في ظل استعداد إسرائيل لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.

غزة

غزة.. إسرائيل تستعد لشن عملية شمال القطاع

لليوم الـ201، يواصل الاحتلال حربه على غزة، مخلفا شهداء وجرحى في غارات على رفح وأخرى على مناطق في شمال غزة، في حين واصل مئات المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى في ثاني أيام عيد الفصح اليهودي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *