لتذكير “الكابرانات”.. عندما عاقبت “الفيفا” المغرب بسبب التضامن مع منتخب “جبهة التحرير”

هناك مجموعة من الحقائق التاريخية المثبتة والموثّقة في عدد من المصادر تبرز تضحيات المغاربة ودعمهم للجزائر في عدد من المجالات. ولأن السياق الحالي بين البلدين تطغى عليه “واقعة أقمصة نهضة بركان”، فلا بد من استحضار تضحيات المملكة تجاه الجزائر في المجال الرياضي كي يتذكر “الكابرانات” شهامة المملكة.

خلال سنة 1958، عاقب الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” المنتخب المغربي، بسبب لعبه لمباراة تضامنية ضد منتخب “جبهة التحرير الوطني الجزائري” لكرة القدم، الذي لم يكن معترفا به آنذاك من قبل قوانين “الفيفا”.

ورغم تهديدات الاتحاد الدولي لكرة القدم وتشدد القوانين والأعراف الكروية في تلك الفترة، خاصة أن الفريق الجزائري لم يكن معترفا به، آنذاك، تشبت المغرب في عهد الملك الراحل محمد الخامس بخوض مباريات مع فريق “جبهة التحرير الوطني الجزائري”.

ويقول الدكتور منصف اليازغي، الباحث المغربي المتخصص في السياسة الرياضية، عبر قناته في “اليوتيوب”، إنه كانت هناك تضحيات كبيرة وقّع عليها المغرب بفخر تجاه الجزائر، من خلال أحداث رياضية كان لها الأثر في دعم القضية الجزائرية قبل وبعد الاستقلال.

وزاد اليازغي: “كانت الأندية المغربية إبان الحماية الفرنسية تعتبر الجزائر وطنها الثاني، وهي تخوض بطولة كأس شمال إفريقيا.. وفي فرنسا كان الود حاضراً بقوة بين المغرب والجزائر، وعلاقتهم كانت تحاكي ما هو حاصل بين الشعبين قبل وبعد الاستقلال؛ فكانت اللقاءات أمراً عادياً خصوصاً بين العربي بن امبارك ومصطفى الزيتوني، وعبد الرحمان بلمحجوب وعبد العزيز بنطيفور”.

واستطرد اليازغي مقدما بعض الحقائق التاريخية الهامة قائلا: “ضدا على فرنسا، أعطى الملك الراحل محمد الخامس موافقته للعب أمام منتخب جبهة التحرير”، مستدركاً “وحتى المغرب يتعرض للتوقيف بسبب هذه الخطوة الشهمة سنة 1958، أصرّ الملك الراحل محمد الخامس معاكسة فرنسا واستدعى حينها منتخب جبهة التحرير الجزائرية من أجل الحلول بالمغرب في جولة تاريخية أمام فرق العصب الجهوية، ضداً على قرار الفيفا، وأيضاً ضد إرادة فرنسا”.

وكانت عقوبة “الفيفا”، آنذاك، أن حرمت المنتخب المغربي من المشاركة لأول مرة في كأس إفريقيا للأمم، كما تم منعه من ممارسة كرة القدم لمدة عامين.

ويحكي اليازغي بعض التفاصيل المثيرة وكيف ساند المغرب الجزائر رياضياً في أحلك الظروف: “يومي 13 و14 أبريل سنة 1958 وتحت إشراف المدرب محمد بومرزك، فرّ 10 من خيرة لاعبي الجزائر يمارسون بالبطولة الفرنسية صوب تونس عبر روما بقرار من جبهة التحرير الجزائرية.. حل هؤلاء بتونس وسط مذكرات اعتقال بحق اللاعبين المنتمي بعضهم إلى الجيش الفرنسي، إذ تقرر خوض بطولة مغاربية بتونس تحمل اسم الناشطة الجزائرية جميلة بوحيرد”.

وقد تم استدعاء المغرب والجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) للمشاركة إلى جانب تونس وفريق جبهة التحرير الوطني الجزائرية. ومع ذلك، فإن المنتخب الوطني للجمهورية العربية المتحدة، خوفا من تهديدات الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، قرر عدم الذهاب إلى تونس وعدم لعب أي مباراة ضد جبهة التحرير الوطني الجزائري.

واستطرد: “ولكن المغرب قرر خوض المباراة، إذ ستدخل المملكة التاريخ كثاني منتخب سيواجه منتخب جبهة التحرير بتاريخ 9 ماي 1958 وخسر بهدف واحد، بعدما خسرت تونس في مباراة الافتتاح”.

مشاركة المغرب أمام جبهة التحرير الجزائرية لم تمر مرور الكرام، حيث تدخلت الجامعة الفرنسية لكرة القدم لدى الفيفا فبادرت الأخيرة شهر ماي 1958 إلى إيقاف المغرب لمدة سنة عن خوض أي مباراة دولية بدعوى اللعب ضد منتخب غير معترف به من طرف “الفيفا” أو “الكاف”.