بين توقعات المحللين وتطلعات السياسيين وانتظاراتهم، كانت صناديق الاقتراع وحدها قادرة على حسم معالم الخارطة السياسية لمغرب الغد، وتحديد أي الأحزاب استطاع كسب رهان أول انتخابات جماعية وجهوية في ظل دستور 2011 وأيها فشل في تحقيق ذلك.
صناديق اقتراع 4 شتنبر، حملت مفاجآت عديدة للمتتبعين كما للسياسيين، كانت بعضها بمثابة “الصفعة” لأحزاب ظنت أن رصيدها التاريخي وانتشارها الجغرافي سيمكنها من الفوز، فيما كان بعضها الآخر بمثابة صافرة إنذار لأحزاب صار لزاما عليها أن تعيد ترتيب أوراقها.
فدرالية اليسار الموحد التي جمعت بين حزبي نبيلة منيب وعبد الرحمان بنعمر، حزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الاشتراكي اللذان دخلا استحقاقات 4 شتنبر بعد مقاطعة لمثل هذه المحطات السياسية الفاصلة منذ سنوات، ولا حتى حزبا التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اللذان حملا مشعل اليسار “المعتدل” بالمغرب وشاركا في عدة حكومات، كلها أحزاب لم تتمكن من حجز مكان لها في مصاف أحزاب الصدارة، بل جعلتها الأرقام في مؤخرة الترتيب.
إقرأ أيضا: حزبا البام والاستقلال في صدارة نتائج الانتخابات المؤقتة
فحزب لشكر اكتفى بالمرتبة السادسة بعدما مني بهزيمة غير مسبوقة بعدد من الجهات مثل جهة سوس درعة وجهة الدارالبيضاء سطات، وحزب بنعبد الله تخلف عن ركب الصفوف الأولى إلى جانب أحزاب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، أما حزب منيب فلم يحصل على أي مقعد بجماعات مهمة وعلى رأسها جماعة سيدي بليوط التي ترشحت بها السيدة “الزاز” حسب وصف منافسها منصف بلخياط.
هذا التراجع الواضح لأحزاب اليسار في محطة سياسية مهمة تشهد أول انتخابات جهوية، فتح الباب أمام عشرات التساؤلات، أبرزها هل صار لزاما على أحزاب اليسار المغربي ترتيب أوراقها بعد اقتراع 4 شتنبر؟
محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، قال في حديثه ل “مشاهد24” إن نتائج اقتراع 4 شتنبر شبه الرسمية، كشفت أن حضور اليسار المغربي صار باهتا مقارنة بباقي الأحزاب التي تمثل التيارات المحافظة.
وأوضح أن مشكلة اليسار تكمن في عدم قدرته على ترجمة خطابه إلى أفعال، عكس حزب العدالة والتنمية مثلا الذي على الرغم من حداثة عهده بالسياسة تمكن من التفوق بفضل تركيزه على “الفعل”.
وأضاف المحلل السياسي، أنه في الوقت الذي تستطيع فيه الأحزاب اليسارية الانتقال من الخطاب إلى العمل، آنذاك يمكن أن تعود بقوة للساحة السياسية.
ومن جانبهم اتفق عدد من المحللين السياسيين الذين تابعوا استحقاقات 4 شتنبر بمختلف مراحلها على أن اليسار المغربي وخصوصا “التقليدي” يعرف تراجعا كبيرا يستدعي منه ترتيب حساباته، فهل تستفيد هذه الأحزاب من محطة ال4 شتنبر وتتخذ من نتائجها مؤشرا لتدارك ما يمكن تداركه؟
إقرأ أيضا: وزير الداخلية: الانتخابات مرت وفق ضوابط تضمن شفافية ومصداقية العملية السياسية