ندوة دولية بالرباط :التنمية رهينة بالحرية والمنافسة وسلامة المؤسسات

    اختتمت في العاصمة المغربية الرباط أعمال المؤتمر الدولي للحقوق الطبيعية  الذي نظمه المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، بالتعاون مع مؤسسة جيفرسون الدولية، واستمر لمدة ثلاثة أيام، وعكف المؤتمرعلى دراسة التجارب التاريخية الإنسانية للاستفادة منها في فهم ما يجري في ما بات يعرف بالربيع العربي، وما شهدته المنطقة وتشهده من تراجعات في حقوق الأفراد والجماعات وبروز وتنامي ظاهرة التعصب والتطرف والإقصاء.
وافاد بيان، تلقى موقع ” مشاهد” نسخة منه، أن المؤتمر الذي شارك فيه  عدد من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة والخبراء العرب والأجانب، خلص إلى ضرورة اعتبار الحرية بكل تجلياتها الاقتصادية والدينة والسياسية والثقافية حقا مقدسا لا يمكن المساس به.   
        وكان مدير المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، قد أكد في افتتاح المؤتمر، على أن المرحلة الدقيقة التي يجتازها العالم العربي تقتضي مزيدا من اليقظة العلمية لتلافي وتجنب أية خسارة جمعية لصالح منافع فئوية عصبوية، قطاعية.
وأضاف بأن العالم العربي بحاجة أكثر من أي وقت مضى لرؤية واضحة للمرحلة القادمة، مرحلة لا يجب أن يتسم سلوكها بالتكيف الاضطراري ومهادنة المقاربات النمطية الشعبوية الجاهزة بهدف الاقتصار على احتواء الوضع الناشئ وعدم الغوص عميقا في عملية التغيير..
ومن جهة أخرى،شددت ورشة حقوق الملكية على ضرورة التاسيس لمنظومات ليبرالية ديمقراطية واعتبار حق الملكية الفردية حقا مقدسا، خاصة وأن نزع الملكية يمكن أن تكون أداة في يد فئة معينة.
وأضافت الورشة في إحدى خلاصاتها ضرورة  التركيز على المنافسة في إطار مؤسساتي سليم لأنه يقدم الأجود. وفي السياق ذاته دعت إلى أهمية الحياد لتحقيق الديناميكية الاقتصاية وتراجع تدخلية الدولة التي يساهم تضخمها في انتشار المحسوبية والزبونية وثقافة المحاباة لا ثقافة الكفاءة والمبادرة والخلق. واعتبرت خلاصة اخرى أن  الحرية أساس التقدم الاقتصادي عملا بمختلف التقارير الدولية والدراسات العلمية التي تؤكد على ان الدول الأكثر ازدهارا هي الدول الأكثر حرية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.  
 وقال منسق البرامج العلمية للمركز، إن  العالم العربي لا يزال  رهينا لنفس الصراع القديم/الجديد بين ديناميتين متناقضتين هما دينامية التحديث ودينامية التقليد”. وأكد ذات المتحدث “أن الحراك العربي دفع بقوة “الحرية” لتعود إلى سطح النقاش، غير أن حرية المعتقد تعتبر أعمق مستويات الحرية”. وزاد قائلا “لأنها ترتبط بتحرير الفرد من السلطة الفكرية للجماعة أو للتراث الجماعي”. هذا الصنف من الحرية متعدد الأبعاد والأوجه إذ يتضمن حرية الفكر والتفكير، حرية الوجدان والضمير والوعي أي حرية الفرد في اختيار الدين الذي يرتضيه لنفسه بعد البلوغ واعتبار ذلك حقا من حقوق الإنسان. أما المفكر التونسي محمد الحداد فقد انتهى إلى القول بأن الدولة لايمكنها أن تحقق كل المطالب والحقوق كما أن حرية المعتقد كحق طبيعي لم يكن من السهل قبولها وبالتالي فقد أثارت الكثير من السجال والنقاش، مع أنه، كما يؤكد حداد، ليست قضية كمالية نخبوية تهم المثقفين بل هي قضية لها تأثيرها على كل المسارات المجتمعية.
     وقال أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس في مداخلته التي استعرض فيها عددا من القضايا من قبيل وضعية حقوق الإنسان في دول المنطقة،  إنّ الدساتير الجديدة التي اعقبت الحراك العربي كرست مجموعة من  الحقوق الطبيعية للإنسان، مثل الحق في الحياة،غير انها ربطته بنصوص قانونية جعلته رهينا، ويمكن إلغاؤه بعد ان تم  الإبقاء على الحق في الإعدام.
 أما الباحثة التونسية أمال قرامي، فقد تناولت  طبيعة التفاعل بين من كلّفوا بكتابة الدستور(من داخل قبّة المجلس التأسيسي) ومختلف مكوّنات المجتمع المدنيّ (من الخارج)وذلك من خلال دراسة خصوصيات الجدل القانوني الحقوقي حول ميسم العلاقة بين الحقوق الطبيعية والحريات . ونظرا إلى تعرض النساء إلى انتهاكات عديدة تعلّقت بحريّة التعبير وحرية التفكير وحرّية التنقل وغيرها فقد ركزت على ما يميز  المسار الانتقالي من ارتفاع أصوات النساء عاليا من أجل الدفاع عن المواطنية الكاملة والمساواة ودسترة حقوقهن .
وفي موضوع ذي صلة، تطرق إدريس الكريني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى موضوع حقوق المراة وصعود التيارات الإسلامية إلى الحكم في بعض دول المنطقة، معتبرا أن وصول هذه التيارات  إلى الحكم أمر طبيعي، طالما أنه مبني على التنافسية وعلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وقواعد لعبة واضحة، غير أنه استدرك قائلا “لكن أن يكون الولوج إلى السلطة مرحليا، في أفق الانقضاض على قواعد اللعبة الديمقراطية، والاستيلاء على السلطة، فهذا غير مقبول.
ومن جهتها وصفت أمينة بوعياش، من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، كاتبة عامة للفيدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان،الوضع السائد ما بعد الحراك العربي بالالتباس حيث لا تزال الحقوق الطبيعية تراوح مكانها وتعرف تفاوتا من حيث التفاعل بين الخطاب الحقوقي والسياسي والثقافي. كما تفوت المنطقة على نفسها نهضة مجتمعية أساسها الاجتهاد في وضع نموذج ديمقراطي يغني التجارب الفضلى في العالم” تقول المتحدثة.  
إكرام عدنني، الباحثة بالمركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، توقفت عند ما سمته استمرار خرق الحق الطبيعي في الحياة حيث أن المتتبع للمشهد العربي سيلاحظ أيضا كيف أنه يتم كثيرا الحكم بتهم الارهاب  في غياب عدم تحديد واضح لمفهوم الارهاب، مع اللجوء الى المحاكمات العسكرية وعدم خضوع المحاكمات للمعايير الدولية في العدالة.
وأضافت عدنني أن منطقة العالم العربي ستحتاج الى مزيد من العمل من أجل تجاوز المحاكمات الجائرة والغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وهي الخطوة المهمة التي اتخذها المغرب مؤخرا. ويبقى المجتمع المدني مطالبا اكثر بالعمل على تاييد الغاء عقوبة الاعدام التعسفي خاصة والاعدام بشكل عام.
    

اقرأ أيضا

بنطلحة لمشاهد24: المغرب يكسب جولات جديدة في تكريس سيادته على الصحراء وسط تراكم أخطاء الخصوم

في وقت يراكم خصوم الوحدة الترابية للمملكة أخطاء تمس جوهر الشرعية الدولية، من قبيل التعامل مع الحركات الإرهابية والمتاجرة في التهريب والمخدرات، يكسب المغرب محافظا على هدوئه جولات جديدة على مستوى القضبة الوطنية، هكذا رسم محمد بنطلحة الدكالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش، صورة واقع ملف الصحراء المغربية في ظل تجدد الدعم الدولي لسيادة المغرب على صحرائه ولمبادرة الحكم الذاتي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *