محمد سبيلا : الحراك العربي يعكس مخاضا اجتماعيا قد تبرز معالمه سياسيا وإيديولوجيا

“لا يزال العالم العربي بعد ثلاث سنوات من الحراك رهينا لنفس الصراع القديم/الجديد بين ديناميتين متناقضتين هما دينامية التحديث ودينامية التقليد”، تلك هي الخلاصة التي انتهى إليها محمد سبيلا، منسق البرامج العلمية للمركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات العلمية خلال مداخلته بالمؤتمر الدولي للحقوق الطبيعية  الذي اختتمت أشغاله أمس الأحد بالعاصمة المغربية الرباط.
وحول توصيفه لما يقع في العالم العربي، قال سبيلا “خلف هذه الدينامية تعتمل ديناميتين أو آليتين وذلك بغض النظر عن مسألة الفواعل والعلل وهما آليتي التقليد والتحديث أو آلية التفاعل بل الصراع العميق بين التقليد والتحديث. ويمكن أن نقرأ، يقول المفكر المغربي، هذا الصراع من عدة منظورات أو زوايا. ومن بينه اعتباره صراعا بين آليتي الهوية والحرية انطلاقا من افتراض أن الحرية معلم أساسي من معالم الحداثة والتحديث”.
وقال سبيلا ،إنه رغم الالتباسات التي شابت الحراك العربي وتمزقه في عدد من المستويات ما بين التحديث والتقليد ما بين الهوية المغلقة والنزوع نحو التحرير الفردي والنزعات الشمولية تحت مختلف التسميات، يمكن أن نجازف بافتراض أن الامر يتعلق بحركية تاريخية تسير في خط حلزوني متعرج يتراوح بين الانتحاء والمراوحة في المكان. وأضاف في نفس السياق أن الحراك يعكس مخاضا اجتماعيا عميقا وقويا قد تبرز معالمه على مستوى السطح السياسي والإيديولوجي لكنها تخفت على مستوى البنية الاجتماعية والثقافية العميقة.
وأكد ذات المتحدث “أن الحراك العربي دفع بقوة “الحرية” لتعود إلى سطح النقاش، غير أن حرية المعتقد تعتبر أعمق مستويات الحرية”. وزاد قائلا ” لأنها ترتبط بتحرير الفرد من السلطة الفكرية للجماعة أو للتراث الجماعي”. هذا الصنف من الحرية متعدد الأبعاد والأوجه إذ يتضمن حرية الفكر والتفكير، حرية الوجدان والضمير والوعي أي حرية الفرد في اختيار الدين الذي يرتضيه لنفسه بعد البلوغ واعتبار ذلك حقا من حقوق الإنسان.”
وبخصوص التطورات الفكرية التي يشهدها العامل العربي توقف المتدخل عند ما سماه التيار الإصلاحي والاعتدالي في الفكر الإسلامي المعاصر، حيث ” اتجه نحو إعادة النظر في التصور التقليدي لمسألة الردة ولمسألة الإكراه والعقوبات والكفارة في الردة من بين أهم فقهائه جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وجمال البنا وطه جابر العلواني ومحمد الكالبي، كما ان مؤسسة الأزهر قد نحت في بيان اصدرته عام 2012 نحو توسيع دائرة الحرية في الإسلام واجتهدت في التاسيس لحرية الاعتقاد في الإسلام”.
 وشهد مؤتمر “الحقوق الطبيعية في العالم العربي ما بعد الثورة” الذي نظمه المركز العلمي العربي بشراكة مع مؤسسة جيفرسون، مشاركة مجموعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة والخبراء العرب والأجانب من تونس وليبيا ومصر والمغرب وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
تجدر الإشارة أن “المركز العلمي العربي للدراسات والأبحاث الإنسانية” مؤسسة بحثية علمية عربية تأسست من طرف ثلة من الباحثين بغية المساهمة في إغناء الحركية البحثية في العالم العربي. ويهدف المركز إلى تطوير ونشر المعارف الإنسانية والاجتماعية في العالم العربي، والمساهمة في النقاش العام وتقديم أفكار جديدة ومقترحات لصناع القرار والباحثين، مستلهمين المعارف الإنسانية والنماذج والتجارب الناجحة على الصعيد العالمي.

اقرأ أيضا

تكلفة الفساد

بقلم: د. إدريس لكريني* ينطوي الفساد على مجموعة من الدلالات والمفاهيم، وهو يرتبط، سواء في …

الإسلاميون ومحكّ السلطة

بقلم: د. إدريس لكريني* لم يكن «الحراك العربي» في مجمله من صنع الحركات الإسلامية؛ ذلك …

المجتمع الليبي بين السمات والتطلعات

تحتاج بنية مجتمعاتنا العربية إلى إعادة النظر في تشكيل هويتنا وثقافتنا عامة، وهوية وشخصية المجتمع …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *